الكاتب والصحفي بوخنوس عز الدين يكتب غربة في وطن

مغربية بريس

متابعة .عزالدين بوخنوس

 

إن الكلمات تعجز عن التعبير عن الواقع،فلطالما آمن كثير من الفلاسفة واللسانيين بالنظرية الأفلاطونية التي تسلم أن العالم الذي نعيش فيه ما هو إلا ظل أفكار ينسجها الفرد ويسلم بها على أنها حقيقة.إن الفاجعة التي أمسينا عليها البارحة والتي تتمثل في النزوح الجماعي لآلاف المواطنين والمواطنات المغاربة إلى مدينة سبتة تتداخل بشكل أو بآخر مع نوعية الحقيقة التي صيغت في أذهان كثير من المغاربة،حقيقة أثت لترسخها أوليكارشية إيكو-سياسية(éco-politique) وعملت على زرع الفكر الإنهزامي والإنبطاحي لدى فئات عريضة من هذا الشعب الغني-المفقر،الواعي- المظلم،الشجاع-المخوف،المبادر- الإتكالي،المؤمن بربه والعاصي له…بلد أصبح يعيش على ثنائية التناقضات التي برزت من خلال المخططات النيولبيرالة المتوحشة التي تخضع لمنطق قوى المركز وقوى الهامش،العالم الأول والعالم الثالث.هذه الصراعات الخفية-الظاهرة أصبحت تؤكد بدون شك أن هناك تعارض صارخ بين ما يقال عالميا أو محليا وبين ما يرسم بالملموس،وبذلك أصبح العالم كله يعيش على نغم عشوائية قوى متضادة، قوى كما قال نيتشه تندرج بين الفاعلة (active)وردة الفاعلة(réactive) أو كما أقر ماركس بين الطبقة التي تملك كل شيئ وبين الطبقة التي لا تملك شيئا،وبين هذا وذاك آخرون اختلفوا في قراءة العالم وأصلوا مفاهيم إدراكه كل حسب سياقة التاريخي والفكري والسياسي ليجمع أغلبهم من سبارتاكوس مرورا بالمهدي المنجرة وغيره إلى الجابري وخير الدين وأوريد وغيرهم،أجمعوا جميعا أن القوة لتحقيق العدالة والديموقراطية والحرية هو الإنسان نفسه.ونحن نرى ما يحدث في المغرب اليوم أو ما حدث بشكل تسلسلي في العشر سينين الأخيرة يعطينا صورة حقيقية لوضعنا كمغاربة ويرغمنا طرح سؤال لينين الأبدي”ما العمل؟”.وإذ أن هذه الإشكالية وشبيهاتها كثر فالمواطن والمواطنة يدق ناقوس الخطر ويجيب بأشكال مختلفة.فهناك من يحتج وهناك من يترك أرضه! ثنائية الجدلية التاريخية،بين من يسعى رغم قلتهم إلى التغيير الحقيقي وبين من يدعي التغيير وهم كثر،بين من يبحث عن الحقيقة بصدق وبين من يوهم الآخرين امتلاكها.لكن أليست سلطة الواقع والمعاش هي من تجيب؟ما فائدة الأرقام والإعلام الفاسد إن كان الخوف يتحدى الموت؟ألم يدفن المغاربة خوفهم وصمتهم ليلة الرعب الإنساني؟هل هجرة آلاف المغاربة إلى سبتة لن يجبر الحكومة على الإستقالة واحترام هذا الشعب؟كفى غربة في وطن فبناء الإنسان هو الوطن.

اعجبك المقال؟ يمكنك مشاركته من خلال منصتك المفضلة
اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد