مغربية بريس
كتب كزولي المحجوب
انطلقت صفارة الصراع المبكّر بين الأحزاب ووجه حزب العدالة والتنمية سهامه نحو انتقاداته اللادعة عدوه الميداني التجمع الوطني للأحرار، الذي اختار طريقة حديثة للولوج الى الصفوف الشعبية والاستراتيجية ليكتسح الطبقتين معا ويزيل البساط الإجتماعي من تحت أرجل المصباح والذي يراهن عليه العثماني في الإستحقاقات القادمة ، فيما تراجع وزن حزب الجرار الذي كان يفزع الحزب الإسلامي خلال الاستحقاقات التشريعية والمحلية السابقة، وهو ما أعطى لأخنوش فرصة الإنقضاض على المقعد الثاني لشل شعبية العدالة والتنمية ويبدو أن أخنوش عازم على الفوز بمعركة الانتخابات المقبلة ورئاسة الحكومة ، هذا التطلع دفع سعدالدين العثماني التلويح بتصريح خطير أكد فيه أن الدولة ستكون حاضرة في الإستحقاقات القادمة بدور التزوير لتقوية بعض الأحزاب المنافسة ضد المصباح وهو يشير بذلك إلى حزب التجمع الوطني للأحرار الراغب في قيادة الحكومة العام القادم وبأي ثمن . وهنا تظهر معادلتين أولاهما وهي تأذية دور الضحية والمظلوم من طرف حزب المصباح ، وتوظيف ورقة القصر من جهة أخنوش وهو ما سيعطي الانتخابات القادمة صبغة صراع لن ينتهي بسلام إن تأكدت هذه المعادلتين .
ويفسر المراقبون خرجة العثماني التلويح باتهامات الدولة بالتدخل والتزوير لصالح بعض الأحزاب بأنها اعترافات فشل داخلي وضعف كبير في تدبير الشأن العام للحكومة وهو ما أثار عليه غضب الأحزاب المرافقة له بعدما حامت عليه اتهامات شعبية بالعجز في إخراج البلاد من أزما اقتصادية واجتماعية مرت عصيبة على الشعب وكان فيها يؤدي دور المهرج والمتفرج .
وبخصوص تلميحات العثماني إمكانية تدخل الدولة في أمر الانتخابات ، رد عبد اللطيف وهبي عن حزب الأصالة على رئيس الحكومة العثماني على أنها تصريحات طاعنة ، ووجه له سؤالا كتابيا قال فيه إن “بعض التقارير الإعلامية تداولت تلميحكم إلى وجود إرادة لدى جهات ما لتزوير الانتخابات القادمة، وبالنظر لموقعكم الدستوري فإن مثل هذه التصريحات تسيء لصورة بلادنا وتجربتها الديمقراطية داخليا وخارجيا”.
وطالبه بالكشف عن صحة هذه التصريحات وعن الجهات والمؤسسات التي يقصد عزمها القيام بالتزوير، داعيا كذلك إلى إماطة اللثام عن التدابير التي اتخذتها الحكومة لإجراء الانتخابات في ظروف أكثر ديمقراطية وشفافية.
ومن المرجح أن تشتد المواجهة بين الأحزاب الأربعة ، الجرار والمصباح والميزان والحمامة على مقاعد البرلمان التي ستحدد قائد الحكومة المقبلة، وهي مرحلة أكدت فيها قيادات هذه الأحزاب أنها قادمة بقوة ، وإذا كان أخنوش قد خطط لمقعد الرئاسة فإن نزار بركة لازال لم يقل كلمة الحسم بعد إلا أن هذا الحزب ليس جديدا على خلق المفاجأة وارتياد القيادة لأنه ملم بالتجربة وقادر على تدبير الانتخابات لصالحه طالما أنه لعب دورا سياسيا في مقعد المعارضة ، ويعتمد اليوم على كفاءات جديدة ستؤهله لجر أصوات النخبة المتقفة والجامعية ، وهؤلاء هم أبناء الشرائح الفقيرة والمتوسطة والتي تعول عليها جل الأحزاب ، لكن حظوظ الإستقلال فيها هي أوفر من حزب العدالة والأحرار .
إن الأحزاب الكلاسيكية وصلت مرحلة الإشباع، ولم تعد قادرة على استيعاب نخب جديدة، وأن الحديث الحالي عن التصويت الاسمي (التصويت بالنظام الفردي)، وإلغاء العتبة يتجه نحو التمكين لنخب جديدة موجودة خارج الأحزاب التقليدية من ولوج غمار الساحة السياسية.
والخلاصة أن المذكرات المقدمة من طرف الأحزاب ، لا تتعدى كونها “خربشات” في غياب دراسات علمية للواقع، وأن التكتلات التي ظهرت به المعارضة، هو تكتل اضطراري لاغير .
وعن نقاط الجدل هاته قال أحد المحليين ، إنها محاولة للمزايدة، خصوصا المرتبطة بالإدارة الانتخابية وهيئة الإشراف، مؤكدا أن الانتخابات لحظة تقييم لتدبير مرحلة تقتضي وضوح اختيار الناخب. وطالب بضرورة حدوث حركية من داخل الأحزاب، والقطع مع حزب الفرد المرتبط بالزعيم، والانتقال لمنطق المؤسسة.
وظلت خطابات ملك المغرب محمد السادس حريصة طيلة السنوات الماضية على دعوة الفاعل السياسي إلى ضرورة العمل على استقطاب نخب جديدة، وتعبئة الشباب للانخراط في العمل السياسي، غير أن أغلب الملاحظين يرون أن الأحزاب تترهل، ولم تنجح في تجديد النخب، وذلك باعترافها.