مغربية بريس
متابعة عز الدين بوخنوس
لا شك أن الإحتقان الشعبي في تزايد مستمر،فمنذ حركة 2011 التي كان لها الفضل في صعود الإسلامويين إلى الحكم وتسلم مقود تدبير شؤون الدولة المغربية والشعب ينتظر تفعيل ربط المسؤولية بالمحاسبة.هذه الأخيرة هي الكفيلة بإعادة بناء طبقة متوسطة قادرة على خلق توازن مجتمعي كفيل بتحقيق دولة الحق والقانون.ولكي نستطيع فهم هذه المرحلة الحساسة التي يجتازها المغرب لا بد من استحضار مرحلة انطلقت في 2004 سميت بالعهد الجديد وانتهت مع صعود الفكر الأردوغاني إلى الحكومة في 2011.هذا الأخير،متأثرا بالمعطيات الإقليمية،والشعارات التي رافقت المرحلة من قبيل الحرية،الكرامة،العدالة الإجتماعية…جعلت الشعب المغربي يعلق آماله على وعود رئيس الحكومة السابق الذي أعلن أمام جميع المغاربة أنه سيحاسب كل ناهبي ثروة البلاد وقاهري العباد.ولكن للأسف عرف الوطن أكبر نكسة اقتصادية حيث ارتفعت المديونية الخارجية وتقلص عدد التوظيفات العمومية ليمهد بكل جرأة لخوصصة التعليم والصحة وتمرير مخططات تخريبية من قبيل التعاقد ورفع الدعم عن المواد الأساسية ليدق آخر مسمار في نعش الطبقة الوسطى.وفي 2016 تمكن نفس الحزب من الصعود بعدما عمق جراح المغاربة الذين قاطعوا التصويت وفقدوا الثقة في السياسي لأنهم تيقنوا أن “ربط المسؤولية بالمحاسبة”مجرد شعار يراد به در الرماد في أعين الغيورين على وطن جريح ينتظر منذ 1956 انتقال ديموقراطي حقيقي يضمن توازن اقتصادي،سياسي واجتماعي.وبما أن الأزمات لا تأتي فرادى فإن جائحة كورونا عرت عن كل مستور وبلغ الإحتقان ذروته.من 2020 إلى الآن يتبين أن الحكومة مشلولة وغير قادرة على التجاوب مع الشعب،فهي في واد والمواطنون في واد آخر.إن جميع الأحزاب اليوم وخصوصا التي تبنت المعارضة،باتت مطالبة بالإنخراط الجاد والمسؤول من أجل تنزيل مقتضيات دستور 2011 والتي في جوهرها تدعو إلى ممارسة المحاسبة وطرح السؤال على كل مغتن من المال العام.إن الراهنية تقتضي أن يتم استرجاع كل الأموال المنهوبة ومسائلة كل المنتهكين لحقوق الإنسان وحل جميع الملفات التي تخلق التوتر المجتمعي وتفرغ المؤسسات من دورها.إن كل قراءة تفكيكية لأوضاع المغاربة اليوم تحيلنا إلى الإستعداد لطوفان قادم.وما الإحتجاجات التي تظهر هنا وهناك إلى مؤشرات لا يستطيع من يلج العمل السياسي للإغتناء قراءة أبعادها،أو حتى إن تمكن من ذلك لا يهمه مستقبل وطن هو نفسه يدمره.فهل أصبح تخليق العمل السياسي مجرد أسطورة وصدق تصور مكيافيلي”السياسة والأخلاق لا يلتقيان”؟وبين كل هذه الإحتقانات والإحتجاجات السلمية تبقى المقاربة الأمنية مجرد أداة لحظية تخمد الدخان الذي إذا انقطع تتوهج النار.ولعل كيفة تعاطي الحكومة مع احتجاجات الأساتذة المفروض عليهم التعاقد خير دليل.وبين الفقر والغنى،بين الحق والواجب،بين الشغل والبطالة،بين القمع والحوار…يبقى ربط المسؤولية بالمحاسبة هو حصان طروادة.شعار يشكل مفتاح التطور ولكن بالممارسة فقط.