في وداع عام الكورونا

مغربية بريس.

تحرير :  أميمة عيّ

00:10pm صباحا، يوم الجمعة الأولى لسنة 2021.

تكتب : في وداع لعام الكروما … دعوتها الأخيرة أن تتوسع دائرة السلم و الحب بيننا.

أراقب عقارب الساعة وهي ترقص بعرض بطيء ، أترقب أن تشير الى نهاية الألفين والعشرين ، سهرت أنادم النجوم فهاضت مشاعري الهاجعة  ،أنا التي لازلت أغطي بأجنحتي شعلة الشمعة بداخلي ، لم تكن يوما مصباحا ولا شمسا ، غير أنني كنت أحميها من رياح السلبية التي تفشت في كل مجلس وبين شفتي كل متحدث ،وأتساءل هل كان عام اختبار للشعور بقيمة النعم التي تحيط بنا؟  أم أننا كنا بحاجة لعام من العزلة نعيد فيه ترتيب أولوياتنا  ؟  المتفق عليه أنه كان طويلا لأسباب عديدة أهمها  تفشي  فيروس كورونا ،  والإنتظار كان أسوء ماحمله معه وليس خطر الموت الذي يهددنا به فحسب .
بالنسبة لشخص مثلي لا يخطط لأمد طويل ، ولا يكتب لائحة للواجبات  والطموحات بداية كل سنة كنت أكثر خفة رغم المكوث الطويل بالبيت لأشهر ، صرت أكثر رضىً وسلاما ، لكن لايمكنني أن أنكر أنها كانت مرحلة عصيبة ولا زالت ، تحدث العالم بأكمله لغة واحدة وهي” الخوف” ، الخوف من عدو غير مرئي عابر للقارات ، و قدرتنا لاتتجاوز الإنتظار ؛ انتظار تفشيه موجة تلو موجة ،انتظار الأعداد اليومية للمصابين  والناجين   ، انتظار أخبار الوكالات ومنظمة الصحة العالمية وتصريحات المسؤولين ،  انتظار إعلانه وباء عالميا، انتظار خبر السيطرة عليه ، انتظار اللقاح  والذي تحول النقاش عنه الى ساحة جدل أقرب للسياسة من العلم  ، ولم يكن باليد حيلة سوى الإيمان بقضائه وقدره ،  مؤمنين أنها موجة ستغرقنا أو ستلفظنا  ، أما نوبات الهلع و الفزع كلٌّ تجاوزها بطريقته ،  فبات الجميع يغرق في ممارسات يومية بسبب الوقت الطويل الذي لم يكن ينتهي  ، هرول الجميع هربا من استشعار الملل، غير انه في النهاية طغى الضجر والرتابة،  فقررنا التسليم ومعانقة كل ماهو قادم ،  لأن رغبتنا بالعيش كانت أكبر من خوفنا من الموت ، غير أن الفقد كان أشد وطأة على أفئدتنا ، عدد المحادثات الهاتفية التي أجريتها بالشهور الأخيرة بواجب التعزية صارت بعدد أصابعي أو ربما تجاوزتها حين توقفتُ عن العد ، فلا فقيد ودعناه كما اعتدنا وجرت العادة ، ماعاد للموت نفس المعنى في غياب مراسيم الغسل والدفن والعزاء ، وذاك ما جعلنا أقل تصديقا لخبر رحيلهم ، أترى لتشييع الجنائز أثرا على النفوس في التصديق و الصبر والوداع ،  أم أن الحزن هو نفسه وإن تعددت الأسباب .
الساعة الآن تشير أننا بالسنة الجديدة ، وحان دوري لأسألك ، هل ستستمر بالتمني و صنع رغبات و أحلام جديدة ؟ ماذا عن تلك الغربة التي داهمتك بالحجر الصحي وأنت تطل من وراء نافذتك على العالم الخارجي  ؟ ماذا عن أحبتك وعائلتك هل تقربت منهم أكثر ؟ هل لازلت على حماستك واندفاعك؟ ماذا عن مبادئك وعقائدك ومسلماتك ومقدساتك  في السنة الماضية ؟ هل لازالت ذاتها ؟ أم أن أسئلة ملغومة بدأت تراودك ؟ المهم أن لا تلوذ بالصمت والتقوقع والتحجر .
على أي كل ما أتمناه وأنا بالدقائق الأولى من هاته السنة  أن تغادر الأمراض والأحزان قلوب الجميع ، أن نصير أكثر إنسانية وأقل شقاء ، أن نعيش دون عداوات وعلاقات مزيفة  وأشباه أصدقاء ، ودعوة أخيرة  أن تتوسع دائرة السلم والحب .

اعجبك المقال؟ يمكنك مشاركته من خلال منصتك المفضلة
اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد