نشرت وزارة الثقافة و الإتصال يومه الأحد 24 نونبر 2018 مقالا تحت عنوان “وزارة الثقافة والاتصال تدعو الصحف الالكترونية إلى الالتزام بتنفيذ مقتضيات المادة 24 من قانون الصحافة والنشر” هذا نصه :
“تنزيلا للمقتضيات القانونية الواردة في القانون 88.13 المتعلق بالصحافة والنشر، ولا سيما تلك المرتبطة بخدمات الصحافة الالكترونية، وحرصا من وزارة الثقافة والاتصال – قطاع الاتصال – على ضمان شروط ممارسة الصحافة وحماية حقوق الصحفيات والصحفيين والمؤسسات الصحفية، وكذا ضمان وحماية حق المواطنين في إعلام مسؤول ومهني، فإنها تؤكد على أن حرية خدمات الصحافة الالكترونية مكفولة ومضمونة، وتذكر بمقتضيات القانون القاضية بوجوب التصريح بنشر أي صحيفة إلكترونية داخل الآجال القانونية، وكذا الحصول على شهادة الإيداع، طبقا لمقتضيات الباب الثالث من قانون الصحافة والنشر المتعلق بالتصريح القبلي والبيانات المتعلقة به.
واستحضارا لمقتضيات المادة 24 من نفس القانون، وخصوصا الفقرة الثانية منها، فإن الصحف الالكترونية ملزمة بعدم الاستمرار في النشر إلا بعد القيام بالإجراءات المنصوص عليها في المادة 21. لذا، تدعو الوزارة كافة المنابر الالكترونية التي لم تخضع للتدابير الإجرائية الواردة في المادة 21، أنها ملزمة بتنفيذ مقتضيات المادة 24 من القانون المذكور، مع ترتيب جميع الآثار القانونية الواردة في مقتضياته.”
و كقراءة لما بين سطور هذا المقال نجد أنه لم يختلف في مجمله عن القانون المتعلق بالصحافة و النشر و الذي كان شيئا ما فضفاضا مبهما و غير مركز تفاديا لظهور الوزارة خاصة و الحكومة عامة بمظهر القامع للحريات و الضارب للمكتسبات . و هذه بعض الملاحظات :
ورد بالمقال ” وجوب التصريح بنشر أي صحيفة إلكترونية داخل الآجال القانونية، وكذا الحصول على شهادة الإيداع ” لكن في المقابل لم يتم التوضيح هل إيذاع جديد وفق الملاءمة أم القديم أيضا علما أن هذا الأخير تم الحصول عليه بعد تصريح داخل الآجال القانونية .
و ورد أيضا ذكر المادة 24 من قانون الصحافة و النشر و هي المادة التي جاء فيها أنه ينبغي التقيد بالمادة 21 و التي تشترط التصريح بنشر مطبوع صحيفة إلكترونية داخل أجل 30 يوما سابقة لليوم الذي يتوقع فيه الإصدار و هذا لا يتعلق بالمواقع التي تصدر أصلا ، لأنه لا يعقل أن يصرح موقع إلكتروني بنشر مطبوع و هو ينشر قبل هذا القانون، فهذا يعتبر تمويها من صانعي القانون للرأي العام العالمي أن القانون يتعلق بالمواقع الجديدة .
ترى لماذا لم تتحل الوزارة المعنية بالشجاعة الكافية للقول صراحة بأنها ستطبق القانون بأثر رجعي ضدا على الفصل السادس من الدستور المغربي؟
+ الفصـل 6 +
القانون هو أسمى تعبير عن إرادة الأمة. والجميع، أشخاصا ذاتيين واعتباريين، بما فيهم السلطات العمومية، متساوون أمامه، وملزمون بالامتثال له.
تعمل السلطات العمومية على توفير الظروف التي تمكن من تعميم الطابع الفعلي لحرية المواطنات والمواطنين، والمساواة بينهم، ومن مشاركتهم في الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية.
تعتبر دستورية القواعد القانونية، وتراتبيتها، ووجوب نشرها، مبادئ ملزمة.
ليس للقانون أثر رجعي.
و أين هي حرية الصحافة التي ناضل من أجلها رجال مهنة المتاعب منذ بزوغ فجر الإستقلال و التي نص عليها الفصل الثامن و العشرين من دستور المغرب ؟
+ الفصـل 28 +
حرية الصحافة مضمونة، ولا يمكن تقييدها بأي شكل من أشكال الرقابة القبلية.
للجميع الحق في التعبير، ونشر الأخبار والأفكار والآراء، بكل حرية، ومن غير قيد، عدا ما ينص عليه القانون صراحة.
تشجع السلطات العمومية على تنظيم قطاع الصحافة، بكيفية مستقلة، وعلى أسس ديمقراطية، وعلى وضع القواعد القانونية والأخلاقية المتعلقة به .
لقد مر أزيد من سنة على دخول قانون الصحافة و النشر حيز التنفيذ و لا زال ممتهنوا الصحافة الإلكترونية متشبتين بحقهم بل حقوقهم الدستورية و الأهم أنهم يؤكدون أنهم مستعدون لخوض جميع أشكال الإحتجاج لمواجهة من يضربون مضامين الدستور المغربي عرض الحائط حتى و لو تعلق الأمر بالحكومة أو البرلمان لأن الحق و القانون فوق الجميع . بل هم يطالبون بإنشاء مدونة للصحافة الإلكترونية تتماشى و تطلعات المجال الصحفي الرقمي إضافة إلى تنظيم دورات تكوينية من شأنها الرفع من مستوى هذه المواقع حتى تصبح قادرة على مواكبة العصر و المساهمة في نشر الأخبار و الحملات التحسيسية و الدفاع الإعلامي ضد أعداء الوطن علما أن الأرضية متوفرة و لا ينقصها سوى إرادة و سياسة حكيمة من قبل صناع القرار ببلادنا .
و في حال صممت الوزارة الوصية على الإستمرار في نهج سياسة صم الآذان فلا سبيل سيكون أمام ممتهني الصحافة الإلكترونية سوى مناشدة صاحب الجلالة …