المرحوم عبد الرحيم بنطالب: الرجل الذي نذر حياته لخدمة الرياضة والإعلام

مغربية بريس سبور

متابعة خاصة……قسم الأخبار

عندما نذكر عبد الرحيم بنطالب، لا يسعنا إلا أن نستحضر مشهدا حيا لشخص يزرع بذور العطاء في كل زاوية من زوايا مدينة القنيطرة. هو شخص لم يكن مجرد لاعب في ميدان الرياضة أو الإعلام أو العمل الجمعوي، بل كان هو المشهد، هو الموجة التي حملت معها كل ما هو جميل من أجل أن تبقى المدينة مفعمة بالحياة، بالأمل، بالتعاون. عبد الرحيم بنطالب، الرجل الذي آمن بأن الحياة لا تُقاس بكم الأيام التي نعيشها، بل بما نتركه وراءنا، بما نغرسه في أرواح الآخرين. وكما قال الكاتب الإيرلندي أوسكار وايلد: “أن تعيش هو أن تترك أثرا.”

تأسيس الحياة من خلال الحب والرياضة:

لقد كانت الرياضة بالنسبة لعبد الرحيم بنطالب أكثر من مجرد لعبة؛ كانت لغة توحد القلوب، كانت طاقة محركة، وقوة تصهر النفوس. عندما أسس جمعية محبي النادي الرياضي القنيطري، لم يكن يهدف فقط إلى تجميع المشجعين تحت سقف واحد، بل كان يسعى لبناء جماعة حية، ذات رسالة، تؤمن بالروح الرياضية كأداة لبناء المجتمع. كما قال الزعيم السياسي الإفريقي نيلسون مانديلا: “الرياضة تملك القدرة على تغيير العالم، لأنها توحد الناس”. وكان عبد الرحيم يدرك أن الرياضة ليست فقط مهارة بدنية، بل هي نافذة لرؤية العالم بأعين مفتوحة.

ولكنه لم يتوقف عند حدود كرة القدم فقط. كان هناك في النادي القنيطري للملاكمة، كان في كل خطوة يخطوها يرى إمكانية لتغيير حياةٍ، لكتابة قصة مختلفة، لتمهيد الطريق أمام من يبحثون عن مكان لهم في هذا العالم. في كل ملعب، في كل قاعة، كان يزرع الأمل كمن يزرع الزهور في أرضٍ جافة، ليحولها إلى جناتٍ غناء.

الإعلام كمنصة للتغيير:

لكن كان في قلب عبد الرحيم بنطالب شيء آخر، كان يحمل في قلبه حبا للصحافة والإعلام كما يحمل الفنان ريشته، يبحث عن الكلمات التي تصلح ما أفسده الزمان، يصنع الجسور بين الأفراد ويصنع الحوار بين الأجيال. في منتدى الصحافة والإعلام بالقنيطرة، كان رئيسا، لكنه كان أكثر من ذلك، كان قائدا، كان يحمل كلمة الحق كما يحمل الفارس سيفه.

كان يعي تماما كما قال الكاتب الأمريكي إرنست همنغواي: “الصحافة ليست مجرد مهنة، إنها مسؤولية”. وكان يقف دوما في مواجهة التحديات، يكتب، يتحدث، ينقل ما يراه حقا، حتى لو كانت تلك الحقيقة أحيانا صعبة، أو غير مرغوب في سماعها. لكن عبد الرحيم بنطالب آمن أن الصحافة لا يمكن أن تكون صادقة إلا إذا كانت تتحرى الصدق في خطها التحريري حيال كل ما تكتب وتنشر.

من المبادرات إلى الذكريات:

كان عبد الرحيم بنطالب أكثر من مجرد رجل رياضي أو صحفي، كان رجلا ينظم المبادرات، يبني الجمعيات الثقافية، الاجتماعية والرياضية، وكان هو الذي يخطو خطوة إلى الأمام في كل مجال يقتحمه، ليفتح أبوابا للآخرين، ليمنحهم الفرصة للظهور، ليجعلهم يؤمنون أنهم يمكنهم فعل المستحيل. هو الذي علم الناس أن الفعل يسبق القول، وأن الجماعة أقوى من الفرد. في كل جمعية أسسها، في كل مشروع حمله على كاهله، كان يزرع الأمل في قلوب الناس. كان يصدق، كما صدق الزعيم السياسي الأمريكي مارتن لوثر كينغ: “العمل الصغير عندما يُجمع يؤدي إلى عظمة.”

عبد الرحيم بنطالب لم يكن فقط يدير المشاريع، بل كان يصنع معالم حياة جديدة. كان يزرع الثقة، ويغرس الحب في قلوب من حوله. كان يؤمن، مثلما قال الزعيم السياسي الهندي المهاتما غاندى: “كن التغيير الذي تريد أن تراه في العالم”. لم يكن ينتظر التغيير من الآخرين، بل كان هو نفسه التغيير الذي جاء ليصنعه.

رحيل الجسد وبقاء الروح:

 

ثم جاء رحيله، كما يحدث دائما في حياة من يعملون بكل طاقتهم، لكن الرحيل لا يعني أن يُسدل الستار على الحياة. الرحيل بالنسبة لعبد الرحيم بنطالب كان مجرد تحول. لقد رحل الجسد، ولكن الروح، التي زرعها في كل زاوية، وفي كل مشروع، وفي كل قلب، ستظل موجودة.

كثيرون يرحلون، لكن القليل من البشر يبقون خالدين. عبد الرحيم بنطالب لم يكن مجرد رجل مات، بل كان روحًا لن تموت أبدًا، لأنه زرع في القنيطرة حبًا لا يزول، وعطاءً لا ينتهي. كانت الحياة بالنسبة له مشهدًا مستمرًا من الفعل والمبادرة، وإذا كان كما يقول عالم البرمجيات الأمريكي بيل جيتس: “نحن نعيش في عالمٍ رائع، وكلنا بحاجة إلى بذل جهدٍ أكبر لنحوّل التحديات إلى فرص”. فإنه كان أول من بدأ في تحويل تلك التحديات إلى فرص، وكان هو الذي شق الطريق لكل من يسعى للتغيير.

رحلت، عبد الرحيم بنطالب، لكنك لم تتركنا وحيدين أبدا. سيظل اسمك حيا لدينا نحن ساكنة مدينة القنيطرة، في كل قلوبنا، وفي كل فرصة أعطيتها لكل من كانوا حولك. مثل الزهور التي لا تذبل أبدا، مثل الذكريات التي لا تموت، ستكون دائما جزءا من هذا المكان.

اعجبك المقال؟ يمكنك مشاركته من خلال منصتك المفضلة
اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد