يعيش سكان مقاطعة كيبيك الكندية أجواء ما قبل الانتخابات التشريعية لفاتح أكتوبر، لأول مرة، بمرشحات محجبات من أصول مغاربية؛ فقد كان هذا الأمر ممنوعاً في السابق، لكن اليوم تصادف صورهن في الشوارع مثيرة للانتباه والفضول في الوقت نفسه.
إيف الطريس، البالغة من العمر 44 سنة، هي صاحبة هذا السبق؛ فقد تقدمت للانتخابات التشريعية باسم حزب التضامن الكيبيكي، وهي مسلمة من أصل إسباني، ولدت في فرنسا قبل أن تهاجر قبل عشرين سنة إلى كندا وتستقر هناك، وباتت اليوم في صلب اهتمام الناخبين.
وبسبب حجابها، نالت الطريس الكثير من الانتقادات، خصوصاً من الصحافة المحلية المحافظة التي ذهبت إلى “التنبؤ بمستقبل أسود لكيبيك بسبب السماح للحجاب الإسلامي دخول غمار الانتخابات التشريعية لأول مرة كإجراء سيكون تطبيعاً مع الأمر”.
ويقول منتقدو الطريس إن “الحجاب رمز يستخدمه الإسلاميون لإبراز وجودهم في الفضاء العام واحتلاله من فرط الظهور القوي لهم”، مع ما يحمل من دلالات، بحسبهم، عن الأصولية والتطرف، خصوصاً أن الطريس “كانت ناطقة رسمية باسم المجلس الوطني الكندي للمسلمين”.
إلا أن المعنية بالأمر كانت تتوقع ردود الفعل المنتقدة، لكنها تسعى “جاهدة” إلى تحقيق هدفها بولوج برلمان كيبيك، وتعتبر نفسها مناضلة نسائية من أجل العدالة الاجتماعية، وليست “إسلامية”، ولا تخطط لأن تكون كذلك في المستقبل قط، وفق تصريحاتها للصحافة المحلية.
أما المترشحة الثانية المثيرة للجدل، فهي مانون ماسي، الناطقة الرسمية باسم حزب التضامن الكيبيكي، التي أثارت وما زالت تثير الجدل بسبب مثليتها التي تعلنها صراحة، إضافة إلى شكلها الذي اهتمت به الصحافة المحلية، حيث يظهر على صورها شارب رجالي.
ويسري الاعتقاد بأن مانون، البالغة من العمر 55 عاماً، متحولة جنسياً، خصوصاً أن ملامح وجهها توحي بأنها رجل، لكنها صرحت أكثر من مرة بأنها وُلدت امرأة وما زالت كذلك، إلا أنها مثلية. وتعبر عن افتخارها بشاربها، وتدافع عن المتحولين جنسياً في كندا وتسعى إلى ضمان حقوقهم كاملة.
وقد أثارت في الأشهر السابقة، حين إعلان ترشحها من جديد للانتخابات التشريعية، فضول الكثير من الكيبيكين؛ إذ كانت ضمن أكثر الأسماء التي بحث عنها الناخبون عبر محرك البحث العالمي “جوجل” للحصول على معلومات حول خطاب حزبها.
مانون تعتبر أن شاربها أمر إيجابي في حملتها وتعبير عن رفضها للصور النمطية حول “الجندر” والجمال وصورة المرأة بصفة عامة، وتسعى بذلك إلى “رفض الرضوخ لضغوط اجتماعية” تعتبرها “غير معقولة تماماً”، وتناضل بالموازاة من أجل إحداث تغيير اجتماعي واقتصادي في المقاطعة الكندية.
وما يميز أيضاً هذه الانتخابات الحضور القوي للجالية المغاربية؛ إذ نجد شباناً وشابات من المغرب والجزائر ومصر ولبنان. ومن أبرز المغاربة، نجد منصف الدراجي، ومحمد برهون، وأنور اليوبي، وعزيزة ديني، وفاتن القباج، ومروى رزقي.
ويراهن هؤلاء المغاربة على الظفر بأصوات الجاليات الأجنبية التي أصبحت رقماً حاسماً في الانتخابات نظراً لتعاظم أعدادها بسبب الهجرة المستمرة، وباتت اهتماماتها حاضرة ضمن وعود السياسيين، خصوصاً أن كيبيك تراهن على اليد العاملة المهاجرة ذات الكفاءات العالية لسد الخصاص المسجل في عدد من الميادين الاقتصادية.
يوسف لخضر من كيبيك