حسن آيت بلا: قائد مبدع يوحد بين الثقافة الإعلامية والرؤية التربوية

مغربية بريس 

بقلم الكاتب: معروف مطرب

في عالم يتسارع فيه الوقت، وتتنازعه الهموم اليومية، يظل هناك أفراد يثبتون أن الروح الإنسانية، مهما كانت الظروف، تظل متجددة وقادرة على إحداث التغيير. ومن بين هؤلاء الأفراد الذين تركوا بصمة لا تُمحى في مجالاتهم، نجد حسن آيت بلا، ذلك الرجل الذي عاش حياته ببساطة، لكنه حمل في طيات قلبه قيمًا نبيلة وأهدافًا سامية جعلته يبدع في مجال التربية والإعلام، ويصبح نموذجًا يحتذى به في العطاء والإلتزام.

 

لقد كان حسن آيت بلا، في مسيرته الطويلة، مثالًا حيًا للرجل الذي يجمع بين الإبداع الصحفي والعطاء التربوي. كان رئيسًا لقسم التواصل في المديرية الإقليمية لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة بالقنيطرة، وقد أثبت في هذا المنصب أنه ليس مجرد موظف يتبع الإجراءات، بل كان قائدًا يحمل رؤى عميقة ويتبنى أفكارًا مبتكرة تهدف إلى تحسين الواقع التربوي والارتقاء بجودة التعليم في وطنه. كما قال الكاتب الأمريكي رالف والدو إمرسون: “القيادة ليست أن تفرض ما تراه على الآخرين، بل أن تجد في الآخرين ما يمكن أن يتطور ويعبر عن إمكانياتهم الكامنة.”

لقد جمعتني بحسن آيت بلا علاقات مهنية متينة، أسسها الاحترام المتبادل والتقدير التام، حيث كان كل حديث بيننا يحمل في طياته معاني التعاون المثمر، وتبادل الأفكار التي تعزز من تقدم العمل التربوي. كان يعرف تمامًا أن العمل الجماعي هو أساس النجاح، ولذلك كان يتعامل مع الجميع بروح من التعاون، ويُعزز من قدراتهم ويشجعهم على تقديم الأفضل، مؤمنًا أن النجاح لا يمكن أن يتحقق إلا بتضافر الجهود. وفي حديثه عن العمل الجماعي، قال الفيلسوف الهندي جواهر لال نهرو: “العمل الجماعي هو النبع الذي يزودنا بالقوة لتحقيق ما لا يمكن تحقيقه بمفردنا.”

في المجال الصحفي، كان حسن آيت بلا لا يقتصر على كتابة الكلمات بل كان يكتب أفكارًا تحمل في طياتها رؤية مستقبلية، تتعامل مع قضايا التعليم والمجتمع بعين منفتحة على التحسين والتطوير. كانت مقالاته دائمًا تبحث عن الحقيقة، وتعرض الحقائق بصدق وموضوعية، كما لو كان يروي قصة الواقع الذي يعايشه كل فرد في المجتمع. في هذا الصدد، نجد في كلمات الكاتب الفرنسي فولتير “كلما تقدمت في الحياة، ازدادت أهمية الحقيقة في حياتك” تأكيدًا على تلك الصفة التي امتاز بها حسن في مسيرته الصحفية، حيث كانت مقالاته دائمًا تتسم بالشفافية والموضوعية.

وكانت هذه الجهود المتواصلة في مجال الإعلام بمثابة وسيلة لنقل رسائل التغيير والتطور في مختلف ميادين الحياة التعليمية والاجتماعية. كان حسن آيت بلا يبذل جهده ليُحدث فرقًا حقيقيًا، لا في التعليم فحسب، بل في كل زاوية من زوايا الحياة الاجتماعية والثقافية التي كانت تشهد قضايا حيوية تخص أجيال المستقبل. كانت رؤيته تستشرف غدًا أفضل، وكان يسعى إلى فتح نوافذ من الأمل والفرص للجميع، مظهرًا بذلك انتماءه العميق لوطنه وحرصه على تعزيز قدراته.

 

 

لكن ما يميز حسن آيت بلا عن غيره، هو ليس فقط قدراته المهنية، بل إنسانيته التي تَجَلّت في تعامله مع الآخرين. كان إنسانًا يحمل بين يديه مفاتيح الاحترام والتقدير، يسعى دومًا لإثراء حياة من حوله بتفاصيل صغيرة تُحدث فرقًا كبيرًا. كان، كما يقول الفيلسوف الألماني فريدريك نيتشه، “الإنسان هو الذي يُحسن من نفسه دون أن يضر بالآخرين”. وهو ما تجسد في حسن آيت بلا الذي عمل دائمًا من أجل مصلحة الآخرين، وكان على استعداد دائم للإنصات وتقديم المساعدة، دون أن ينتظر شيئًا في المقابل.

أخلاقه الرفيعة كانت تظل سيدة الموقف في كل تعاملاته، ولقد برهن على ذلك في موقفه المتسامي في سبيل خدمة القيم الإنسانية والوطنية. كان يحمل في قلبه حبًا عميقًا لوطنه، ويعبر عن ذلك في كل خطوة كان يخطوها، مخلصًا في عمله، حريصًا على تحقيق رفعة وطنه من خلال الجهود التي لا تكل ولا تمل. كما قال الكاتب الروسي ليو تولستوي: “إذا أردت أن تُغير العالم، فابدأ بتغيير نفسك أولًا”. وهذا تمامًا ما فعله حسن آيت بلا، فقد جعل من نفسه مثالاً حيًا على التغيير الذي يريد أن يراه في وطنه.

وبهذا، يظل حسن آيت بلا واحدًا من أولئك الأشخاص الذين يعطون دون حساب، ويعملون من أجل غدٍ أفضل، ويستمرون في التأثير الإيجابي على كل من حولهم. لقد كان أستاذًا ومعلمًا، قائدًا وصحفيًا، وطنيًا وإنسانيًا، وأبًا حقيقيًا لكل من أتيحت له الفرصة للعمل معه أو الاستفادة من جهوده. إنه نموذجٌ حيٌّ يعكس أن العمل الصادق والتفاني في خدمة الآخرين يمكن أن يصنع فرقًا حقيقيًا في العالم.

اعجبك المقال؟ يمكنك مشاركته من خلال منصتك المفضلة
اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد