ضحى شطيبي: قصة فنانة تشكيلية تنحت مسارها بألوان التراث المغربي

عبد المجيد رشيدي   مغربية بريس   الدار البيضاء

 

في عالم الفن التشكيلي، يولد الإبداع من أعماق الروح ومن تداخل التجارب الإنسانية، وهذا ما يتجسد في رحلة الفنانة التشكيلية الواعدة ضحى شطيبي، منذ سن الخامسة كانت الألوان تنادي ضحى، وكانت هي ترد بابتسامة طفلة صغيرة ويدين ملطختين بالألوان، لم تكن مجرد رسوم عابرة على الورق، بل كانت نوافذ على عوالم داخلية مليئة بالذكريات والمناظر التي كانت تعيشها أو تراها في خيالها، حيث بات الرسم ملاذًا لها لترجمة كل ما يدور في ذهنها البريء.

منذ طفولتها، كانت الفنانة ضحى تجلس إلى جانب جدتها، تلك المرأة التي ورثت الفن وحب الألوان، والتي زرعت في قلبها الشغف والإلهام. كانت الجدة مرشدة حكيمة، تتبادل معها أسرار الريشة والألوان، وما زالت حتى اليوم مصدرا رئيسيا للإلهام، فقد كان لقضاء الوقت مع هذه الفنانة المخضرمة أثرٌ عميق في تطور مهارات ضحى الفنية، حيث نشأت على حب التفاصيل والانتباه لكل ما هو دقيق وفريد في اللوحة.

لكن قصة الفنانة ضحى لا تتوقف عند الطفولة، في سن الخامسة عشرة، قررت أن توسع مداركها الفنية وتتعلم المزيد عن تقنيات جديدة، فتوجهت نحو الألوان الزيتية، تلك المادة التي وجدت فيها حرية لا مثيل لها، وخلال فترة جائحة كورونا، استفادت من دورة تدريبية في فن الرسم عن بُعد، بدعم كامل من والديها اللذين قدما لها كل المساعدة والإمكانيات لإنجاز هذه الدورة، حيث تعلمت أصول الكريليك وأخذت أولى خطواتها في عالم اللوحات الكبيرة، فقظ كانت تلك التجربة بمثابة نقطة انطلاق جديدة، فتفجرت قدراتها وبدأت بتشكيل هوية خاصة بها، تمزج فيها بين الفن الأكاديمي والهوية المغربية الأصيلة.

ضحى شطيبي ليست مجرد رسامة بورتريهات، بل هي فنانة ترسم الهوية المغربية بألوان العراقة، من خلال دمج عناصر مغربية أصيلة مثل الزليج وشخصيات “الكناوي”، تسعى ضحى لخلق لوحات لا تعكس مجرد صور، بل تعكس قصصا متجذرة في التراث، وبين مزيج الألوان الهادئة والفاقعة، تظهر في كل لوحة فلسفة خاصة، حيث تعتبر أن الألوان لا تقتصر على ما تراه العين مباشرة، في ملامح الوجوه التي ترسمها، تجد ضحى ألوانا خفية تظهر عند الاقتراب، مزجا بين الأزرق، والأصفر، والأحمر، التي تمنح الحياة للوحة وتبث فيها روحا فريدة.

وبحكم دراستها للطب، وجدت الفنانة التشكيلية ضحى في التشريح الإنساني مصدر إلهام آخر. لا ترى الجسم البشري كدراسة طبية فقط، بل تراه فنا بحد ذاته، حيث تجسد في لوحاتها انسجام الألوان مع التعقيد البشري، لتربط بين العلم والفن بطريقة لا يتقنها إلا من يفهم لغة الفن الأصيل.

طموح ضحى لا حدود له، فهي ترى أن لوحاتها ليست مجرد قطع فنية تُعرض في المعارض، بل يجب أن تكون جزءا من الحياة اليومية للمغاربة، من خلال منصتها على إنستغرام، تسعى ضحى للوصول إلى أكبر عدد ممكن من البيوت المغربية، لتكون لوحاتها في متناول الجميع. رؤيتها تتجاوز الحدود المحلية، فهي تحلم بتنظيم معرضها الفردي الخاص، وتوسيع نطاق جمهورها ليشمل عشاق الفن في جميع أنحاء العالم.

الفنانة ضحى شطيبي، في كل ضربة فرشاة وكل لون، تحمل هوية المغرب بين يديها، وتطمح أن يكون فنها جسرا بين التراث والحاضر، وأن تترك بصمتها الفريدة في عالم الفن التشكيلي.

اعجبك المقال؟ يمكنك مشاركته من خلال منصتك المفضلة
اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد