غابة المعمورة: هل التخليف طوق النجاة أم التشجير الحل البديل؟

مغربية بريس 

متابعة خاصة ……….قسم الأخبار 
فريق إعداد الربورتاج الصحفي: ياسمين الحامش – كوثر أغراروش – سليمان الشاد – محمد أمين حناك – سومية مكاوي – مريم بن الطيب – وبتأطير من طرف الأستاذة ليلة أمزوقة – ثانوية غاندي التأهيلية سلا المملكة المغربية. 11 أبريل 2025
تقديم
من عادات بعض ساكنة سلا ونواحيها شد الرحال إلى غابة المعمورة نهاية كل أسبوع، ولكل منها مآرب خاصة؛ بين راغب في الاستمتاع بطبيعتها وفار من زخم الحياة وصخبها وباحث عن رزقه بين زوارها… ومهما اختلفت الدوافع، فالوجهة تظل ذاتها، إلا أن هذا المتنفس أصبح مهددا ويندر بالاندثار. فما السبيل لإنقاذه؟


1- غابة المعمورة ثروة إيكولوجية مهددة
تقع الغابة بالشمال الغربي للمغرب على طول الساحل الأطلنتي، تعد امتدادا لسلا وتبعد عن مدينة الرباط بحوالي 50 كليمترا، تبلغ مساحتها 130.000 هكتارا، وتعد أحد أكبر غابات الفلين في العالم، وموطنا للتنوع البيولوجي، إذ تضم تشكيلة نباتية متنوعة (بلوط أخضر، صنوبريات…) والوحيش (أيل بربري، أرنب ساحلي…)، إلا أن بعضها تعرض للانقراض للأسف الشديد.


أما عن أهميتها البيئية فتتجلى في إنتاج الأكسجين وامتصاص ثنائي أكسيد الكربون، مما يحافظ على جودة الهواء والمياه الجوفية، فضلا عن أهميتها السوسيواقتصادية في توفير الخشب والورق وكذا خلق فرص الشغل للساكنة المحلية. وبالرغم من كل هذه المزايا التي تتميز بها الغابة، فقد صرح لنا السيد “رشيد النواري” – محافظ المياه والغابات سيدي اعميرة – أنها تعاني من عدة إكراهات تؤثر سلبا على تنوعها البيولوجي، وتهدد استدامة مواردها خاصة مع التغير المناخي وتوالي سنوات الجفاف، مما زاد من حدة وقوع الحرائق والتصحر. كما أضاف أن هناك عوامل أخرى بشرية تتمثل في الرعي الجائر والاجتثاث والإفراط في جمع الحطب وثمرة البلوط…
مما يتجاوز قدرة الغابة على التجدد الطبيعي ويقلص من مساحتها. وفي ذات السياق سبق وأن صرح السيد فؤاد عسالي (مدير التشجير والمخاطر المناخية بالصندوق الوطني لزراعة الأشجار) لموقع بناصا بتاريخ 30 يناير 2024، قائلا:


“ندرك هذه التحديات، ولكننا متفائلون بأننا قادرون على تحقيق هدفنا” ألا وهو تشجير 100.000 هكتار سنويا و600.000 هكتار في أفق سنة 2030″.
إلا أن غابة المعمورة يصعب إعادة تخليفها بالبلوط الأخضر لعدة أسباب، حصرها لنا السيد رشيد النواري في توالي سنوات الجفاف والإفراط في جمع البلوط وطول المدة التي يستغرقها نمو أشجاره، والتي قد تصل إلى 27 سنة، إضافة إلى الأمراض وشيخوخة الأشجار. وهذا ما دفع الوكالة لاعتماد تقنية التشجير كبديل بغرس أصناف أخرى مثل الأكاسيا ACACIA التي تتميز بسرعة نموها. ولفهم هذا الإشكال الذي تواجهه غابة المعمورة بين حل التخليف الذي سيحافظ على تميزها وتفردها العالمي وبين التشجير الذي سيعجل بإنقاذها من التدهور.
وفي هذا الشأن تواصلنا مع السيد مصطفى بنرامل الخبير البيئي ورئيس جمعية المنارات الإيكولوجية والتنمية بالقنيطرة. بسؤاله عن الفرق بين عمليتي التشجير والتخليف، فأجاب أن التشجير عملية مرتبطة بغرس الأشجار في مناطق لم تكن مغطاة بالغابة سابقا أو تعرضت للإزالة.
ويتم تعويضها بأصناف كالأكليبتوس Eucalyptus globutos أو الأكسيا ACACIA …
بينما التخليف يدل على إعادة غرس أشجار في مناطق تعرضت غاباتها للإزالة جزئيا حيث تم غرس الأشجار في مناطق تعرضت غاباتها للإزالة جزئيا، حتى يتم غرس أصناف محلية كالبلوط الفليني أو البلوط الأخضر، كما هو الشأن في غابة المعمورة، وأضاف بأن العمليتين تهدفان إلى الحفاظ على التنوع البيولوجي وحماية التربة من التعرية.
وبالرغم من هذا الإشكال الذي يعترض عملية التخليف إلا أن الوكالة الوطنية للمياه والغابات بشراكة مع بعض الجمعيات المحلية والساكنة تسعى جاهدة للحفاظ على غابة البلوط، حيث تتوفر على مشتل يعيد إنتاج الشتائل وصيانتها من أجل إعادة غرسها وصيانتها من أجل إعادة غرسها عبر مساحات مهمة تظل مسيجة ومحمية لضمان استدامتها.
وقد أقدمت الوكالة على تقديم تعويضات مالية للرعاة من أجل توفير العلف لماشيتهم وإشراكهم في عملية صيانة الملك الغابوي من خلال تشجيع بعض الجمعيات المحلية المهتمة بالشأن البيئي، والتي صادفنا إحداها بعين المكان ويتعلق الأمر بجمعية شباب سيدي اعميرة للبيئة والتنمية وأجرينا لقاء مع رئيسها السيد “لحسن لزهر” الذي أحاطنا علما بأهداف الجمعية، ويتعلق الأمر بتوفير فرص شغل لشباب المنطقة بإشراكهم في عملية التشجير التي تشرف عليها الوكالة الوطنية وحراسة الغابة، والتبليغ عن المخالفين…، وخلال إجراء هذا الربورتاج حظي فريق التحقيق والصحفي بشرف حضور انطلاق عملية غرس أشجار الأكسيا بمشاركة بعض أعضاء فريق التحقيق الصحفي والأطر في هذه العملية التي تنظمها الجمعية بشراكة مع الوكالة بمناسبة اليوم العالمي للغابات.
وفي هذا الإطار، لا يسعنا إلا أن نثمن هكذا مباردرات إيكولوجية هادفة باعتبارها تندرج ضمن الحلول الناجعة لترسيخ ثقافة المحافظة على البيئة وتجسيدها ميدانيا بعيدا عن كل الحلول التي تظل حبيسة التنظير، بعيدا عن التنزيل والجرأة على أراض الواقع.
اقتراحات وتوصيات:
على اعتبار خصوصية هذا الجيل المرتبط بالتطور العلمي والتكنولوجي في الوقت الراهن، فعلينا تسخير ذلك في خدمة البيئة عموما وحماية الغابة على وجه الخصوص، وذلك باعتماد تقنية الذكاء الاصطناعي في تعزيز آليات الحراسة والمراقبة بشكل أكثر دقة، واستثماره أيضا في إجراء دراسات ميدانية معمقة حول أثر التغيرات المناخية على الأصناف الغابوية بهدف تعزيز البحث حول أصناف أكثر مقاومة للجفاف والتغير المناخي والأمراض، وابتكار وسائل التنبؤ والتوقع الذكي لاستشعار الحرائق وتحديد مكانها بدقة حتى تتمكن الجهات المعنية من التدخل في الوقت المناسب…
كما يمكن أيضا تشجيع المبادرات الإنسانية سواء كانت فردية أو جماعية والتي تهدف للمحافظة على البيئة، وتفعيل النوادي البيئية بالمؤسسات التعليمية واعتبارها شريكا أساسيا في كل المخططات الرامية للمحافظة على البيئة.
وختاما ليبقى شعارنا: “غابة المعمورة إرث الأجداد في عهدة الأحفاد”.
المصادر المعتمدة:
– محافظ الوكالة الوطنية للمياه والغابات سيدي اعميرة السيد رشيد النواري؛
– موقع بناصا الإلكتروني: https://banassa.info/
– رئيس جمعية المنارات الإيكولوجية الخبير البيئي السيد مصطفى بنرامل؛
– جمعية شباب سيدي اعميرة للتنمية السيد لحسن لزهر.
أنجز الربورتاج في إطار مسابقة الصحفيين الشباب أكاديمية الرباط سلا القنيطرة – مديرية سلا – ثانوية غاندي التأهيلية
كما نتقدم بالشكر والتقدير لكل من ساهم من قريب أو بعيد في إنجاز هذا الربورتاج

اعجبك المقال؟ يمكنك مشاركته من خلال منصتك المفضلة
اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد