مغربية بريس
متابعة …………معروف مطرب
في زاوية ما من الزمن، بين أزقة القنيطرة وضجيج المدينة الساحلية، وُلد بطل لا يشبه الآخرين، كان لحسن أحيدوس أكثر من مجرد اسم في قائمة الأبطال. كان واحة الأمل، وكان التحدي الذي تحدى المستحيل. هذا البطل الذي بدأ رحلة الرياضة في وقتٍ كان فيه كل شيء ضد إرادته، أصرَّ على أن يجعل من الملاكمة وسيلة لكتابة اسمه في تاريخ الرياضة المغربية، بل العالمية، كما كتب على لسان الأديب الأمريكي إرنست همنغواي: “البطل هو الذي يحقق في الحياة ما يظن الآخرون أنه مستحيل.”
بداية القصة: معركة من أجل الحلم
كانت القنيطرة في البداية مجرد مدينة صغيرة، يطغى عليها صمت البحر، حتى أتى ذلك الشاب الذي أحرق في قلبه نار الحلم. “يولد الأبطال عندما يرفضون الاستسلام لظروفهم”، كما يقول الفيلسوف الألماني فريدريك نيتشه، وهذه الكلمات تلخص تمامًا رحلة لحسن أحيدوس. كان الحلم بالنسبة له أشبه بشيءٍ حي، يكبر معه وينمو رغم كل الصعوبات.
وعندما التحق بالمنتخب الوطني في عام 1962، لم يكن مجرد شاب يتنقل بين المدن، بل كان فارسًا يحمل راية وطنه على كتفيه، كما قال الفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر: “الإنسان ليس شيئا آخر سوى ما يصنعه بنفسه”. ومع هذه الفكرة العميقة في قلبه، بدأ لحسن في صعود السلم نحو المجد.
رحلة الألقاب: ذهبية تلو ذهبية
كانت أولى ميدالياته الذهبية كأنها ضوءٌ في آخر نفق طويل. أربع ميداليات ذهبية فاز بها لحسن أحيدوس، لم تكن مجرد جوائز رياضية، بل كانت تعبيرًا عن حلمٍ متأصل في نفسه، كما قال الشاعر الأمريكي ويليام أرثر وارد: “الإنجازات العظيمة لا تأتي من الراحة، بل من معركة مع الذات”. كل ميدالية كانت تروي قصة صراع داخلي مع التحديات، كل فوز كان إعلانا عن الانتصار على اليأس والتردد.
في كل مرة كان يقف فيها على منصة التتويج، كان الجميع يرى فيها أكثر من مجرد بطل رياضي، كان يرى فيها رمزًا للمثابرة، كما قال الكاتب البريطاني جورج برنارد شو: “الإنسان هو ما يعتقد أنه يمكن أن يكون.”
محطات دولية: كل لقاء هو معركة جديدة
وفي المسابقات الدولية التي شارك فيها في 1964، 1968، و1972، لم يكن لحسن أحيدوس مجرد ملاكم يسعى لتحقيق ميدالية، بل كان ممثلًا لوطنه، وكان يحمل على أكتافه آمال أمةٍ بأكملها. ففي كل محفل رياضي كان يدخل، كانت القلوب المغربية تهتف له، وتدعو له بالتوفيق. كانت كل ضربة قاضية، وكل جولة حاسمة، تحمل في طياتها أملًا جديدًا، كما قال الفيلسوف الأمريكي رالف والدو إمرسون: “كل انتصار هو بداية جديدة، وكل هزيمة هي فرصة جديدة.”
القدوة: الرجل الذي أضاء الأمل في قلب الأجيال
لكن لحسن أحيدوس كان أكثر من مجرد بطل رياضي، كان قدوة حية تُجسد الإرادة والتحدي، وتُظهر كيف أن الإنسان يستطيع أن يحقق المستحيل إذا ما كان مصممًا على الوصول. فمع كل فوز، كان يُلهم شباب القنيطرة والمغرب بأسره، يرسخ فيهم إيمانًا راسخًا أن المستحيل ليس إلا كلمةً بلا معنى. كما قال الفيلسوف الفرنسي ميشيل دي مونتين: “لا يوجد شيء مستحيل طالما أننا نؤمن به.”
لقد كانت سنواته في الملاكمة بمثابة درسٍ عملي في القوة والصبر والعزيمة. لم يكن مجرد بطل في الحلبة، بل كان بطلا في الحياة، يُعلمنا أن النصر لا يتحقق بالقوة البدنية فقط، بل بالإيمان بالقدرة على التفوق.
اليوم، عندما يتذكر المغاربة لحسن أحيدوس، لا يتذكرون فقط الألقاب والإنجازات، بل يتذكرون الرجل الذي حمل أمل الأمة في قلبه ورفع رايتها عاليا. كما قال الكاتب الفرنسي ألبير كامو: “البطل هو الذي لا ينهزم حتى في لحظات الهزيمة”. لحسن أحيدوس كان هذا البطل، لم ينهزم أمام الصعوبات، بل ظل يضيء الطريق لمن بعده.
لقد أصبح لحسن أحيدوس أكثر من مجرد بطل رياضي، أصبح رمزًا للأمل، كما قال الكاتب البرتغالي جوزيه ساراماغو: “الأبطال ليسوا أولئك الذين يحققون المعجزات، بل أولئك الذين يجعلون من المستحيل ممكنا.”