مغربية بريس
العلمي الحروني- عضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي الموحد
إحياء للذكرى 58 لانتفاضة 23 مارس 1965
نشأ الحزب الاشتراكي الموحد من رحم وصلب الحراكات الشعبية، وأساسا من الانتفاضة الشعبية ل 23 مارس 1965 المجيدة، بقيادة الشباب والحركة التلاميذية المنتفضة ضد التهميش والقهر، وإقصاء حوالي 60 % من التلاميذ من الطبقات الشعبية من التعلم والارتقاء الاجتماعي بقرار مخزني لوزير التعليم آنذاك يوسف بلعباس، وهي الحركة السلمية التي تعرضت لقمع مخزني وحشي بالرصاص الحي، أرضا وجوا، من مروحيات الجنرال أوفقير، حيث اعتقل واختطف مئات المواطنين وقتل الآلاف ودفنوا بمقابر جماعية سرية، لم يعترف بها النظام السياسي المخزني إلا مع بداية سنة 1999 بعد وفاة الملك الحسن الثاني وتأسيس لجنة الإنصاف والمصالحة التي بقيت توصياتها الأساسية رهينة الرفوف لحد اليوم.
ونظرا لعدم تحمل التنظيمات اليسارية المنبثقة من الحركة الوطنية مسؤوليتها التاريخية والأخلاقية في مواجهة القمع الشرس والدموي غير المسبوق للنظام على المحتجين، قام المناضلون والمناضلات بالانتفاضة على قيادة تلك الأحزاب والاشتغال السري والاضطراري خارج إطارها، وقد كان ذلك سببا لنشأة منظمة 23 مارس العتيدة التي اشتغلت فترة من السرية إلى أن أعلنت عن نفسها بتاريخ 23 مارس 1970، و حركة إلى الأمام التي أعلنت عن نفسها بتاريخ 01 يناير من سنة 1972. وهما التنظيمان الذان توحدا لاحقا في إطار “جبهة” تنهل من الماركسية اللينينية، واستطاعا بذلك تحقيق مكاسب نضالية، مما أدى بالمخزن إلى مواجهتهما بالقمع الشرس والاعتقالات والنفي ومحاكمات كبرى بالدار البيضاء وبمراكش.
ولأن الحزب “ابن شقيق” لهذا الحراك منذ ولادته ونشأته وتطوره، فقد ارتبط ودعم مبدئيا وتاريخيا الحراك الشعبي المغربي واعتبره المنطلق والرهان الاستراتيجي والسياسي الوحيد القادر على تحقيق التغيير الديمقراطي ببلادنا.
ولا غرو في تبنيه لهذا الحراك واحتضانه المستمر له في جميع محطاته وفرصه التاريخية انطلاقا من حركة 20 فبراير 2011 ، التي وضع الحزب مقراته ومناضلاته ومناضليه رهن إشارة الحركة بقرار رسمي لمجلسه الوطني، ودعمه الميداني والسياسي لحركة ضحايا القروض الصغرى وللحركة العمالية بورززات التي تعرضت لقمع شرس ولاعتقالات وتهميش مدينة غنية بثرواتها الباطنية سنة سنتي 2013 و 2014 ، وكذا دعمه المبكر للحراك الشعبي للريف ومطالبه العادلة منذ اندلاعه سنة 2016 وانطلاقه الرسمي في أكتوبر 2017 لحد اليوم والزيارة التاريخية للمكتب السياسي للحسيمة سنة 2019 في لحظة استثنائية، عطفا عن دعمه لحراك جرادة وأوطاط الحاج وحركة مقاطعون لمافيا احتكار الوقود والحليب والمياه المعدنية والحركة الاحتجاجية ضد فرض جواز التلقيح في فترة جائحة كورونا والحجر الصحي المفرط سنة 2020 والاحتجاجات ضد غلاء الأسعار حاليا والحراك الاجتماعي بقطاع التعليم بكافة مكوناته وعلى رأسها التنسيقية الوطنية للأساتذة وأطر الدعم المفروض عليهم التعاقد، وحراك كلميم وتنسيقية أيت اوسى وغيرها والتنسيقية الصحراوية للوديان الثلاثة : واد نون-الساقية الحمراء – واد الذهب، وانتهاء بدعمه لبنات وأبناء الشعب المغربي المرسبين في امتحانات المحاماة وما شابها من خروقات وتزييف.. وسيستمر في هذا المنحى بعزم وإصرار مناضلاته ومناضليه..
إن لذلك الدعم عمق تاريخي وفكري وسياسي واجتماعي، لأن مبررات وجود وهوية الحزب الاشتراكي الموحد تجدها في نسق وبنية الحراك الشعبي المواطناتي، وانتفاضة 23 مارس التلاميذية، التي يعتبر الحزب امتدادا أساسيا لها، والتي هي في عمقها ثورة فكرية وسياسية على أنقاض البنيات المتكلسة لليسار الكلاسيكي النخبوي المنعزل عن القوى الجماهيرية، كما أن الاشتراكي الموحد انبثق اجتماعيا من الطبقة الشعبية المواطنة والفئات الاجتماعية المنتفضة على الظلم الاجتماعي من تلامذة وطلبة وأساتذة وعمال، فالحزب ظل متماهيا معها ويحمل هويتها ويمثلها وتمثله وهي تربته الخصبة حيث ينمو و ينغرس و يترعرع، وذلك خلافا للثقافة السياسية المتعالية والوصية على الشعب ونخبه لأحزاب اليسار سليلة الحركة الوطنية وروافدها وخاصة المنغمسة منها بشكل سلبي في النظام السياسي.
من هذا المنطلق، وعلى هذا الأساس والتوجه والهوية، سيبني الاشتراكي الموحد أداته التنظيمية وخطته وبرنامجه الحزبي، وتحالفاته، الوطنية والإقليمية والدولية، في المرحة المقبلة. الأداة التنظيمية المتناغمة مع الديناميات المجتمعية للنضال معها وبجانبها والعمل على بلورة المشترك الاجتماعي والسياسي معها وعلى تشبيكها وإنضاج مطالبها والتحالف معها وتشكيل الأداة التنظيمية القادرة على قيادة النضالات المجتمعية من أجل التغيير.
وإحياء للذكرى 58 لانتفاضة 23 مارس 1965 والذكرى 52 لتأسيس منظمة 23 مارس العتيدة، فإن عموم اليساريات واليساريين يجددون العهد مع الشعب المغربي على الاستمرار في النضال المجتمعي إلى أن يتحقق النصر والانتصار على الفساد والاستبداد، ويجددون ترحمهم على أرواح شهداء انتفاضة 23 مارس وكل الحركات النضالية التي قدمت شهداء ومعتقلين ومختطفين ضحايا القمع المخزني.
وإذ نحيي الذكرى 58 لانتفاضة 23 مارس، فإننا نعتبرها نبراسا وبوصلة سياسية متجدرة ومتجددة للحزب الاشتراكي الموحد