مغربية بريس
الكاتبة / شالة الرملي
يُعدّ نزاع الصحراء المغربية واحداً من أطول الصراعات في المنطقة المغاربية، حيث تتنازع المغرب وجبهة البوليساريو (بدعم من الجزائر) حول السيادة على هذه المنطقة منذ انسحاب الاستعمار الإسباني عام 1975. تلعب القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة وروسيا أدواراً حاسمة في هذا الصراع، حيث تعكس مواقفهما تباينات سياسية تتجاوز الحدود الجغرافية للصحراء المغربية.
الموقف الأمريكي
تميل الولايات المتحدة منذ عقود إلى دعم موقف المغرب في نزاع الصحراء المغربية. يعود هذا الدعم إلى عدة عوامل الى جوار الحق التاريخي والقانوني الذي يخول للمغرب بسط سيادته على كامل ترابه .
1. التحالفات الإقليمية: تعتبر الولايات المتحدة المغرب حليفاً استراتيجياً في المنطقة المغاربية وشمال إفريقيا. يُعزى ذلك إلى الشراكة في مكافحة الإرهاب وتعاون المغرب مع الولايات المتحدة في القضايا الأمنية والاقتصادية. على سبيل المثال، المغرب عضو في التحالف الدولي ضد تنظيم داعش.
2. الديمقراطية وحقوق الإنسان: بالرغم من الانتقادات التي قد تُوجه للمغرب في هذا المجال والتي تبين أنه قطع اشواطا في باب الحريات العامة وحقوق الانسان قولا وواقعا ، ترى الولايات المتحدة في المغرب نموذجاً للاستقرار والإصلاحات السياسية التدريجية، مقارنةً بدول أخرى في المنطقة. وقد شهد المغرب سلسلة من الإصلاحات الدستورية منذ عام 2011 لتعزيز حقوق الإنسان.
3. مواجهة النفوذ الروسي والصيني: يُعدّ دعم المغرب جزءاً من استراتيجية أوسع للولايات المتحدة للحد من نفوذ روسيا والصين في إفريقيا. إذ تسعى واشنطن لتعزيز علاقاتها مع حلفاء إقليميين قادرين على مواجهة التحديات الجيوسياسية. وقد تعززت هذه العلاقات عبر اتفاقيات تجارية وعسكرية متعددة.
4. الاعتراف بمغربية الصحراء: في نهاية ولاية دونالد ترامب، اعترفت الولايات المتحدة بسيادة المغرب على الصحراء المغربية، واستمر هذا الاعتراف في عهد جو بايدن، رغم عدم الالتزام بفتح قنصلية لأهداف اقتصادية بمدينة الداخلة. هذا الاعتراف يُعزز من التزام الولايات المتحدة بدعم المغرب في هذا الملف، ويعكس اهتمامها بالحفاظ على نفوذها الاستراتيجي في منطقة غرب إفريقيا، التي تواجه فيها تنافساً متزايداً من الصين وروسيا ، لكن المغرب يلجأ غالبا الى سياسة الباب المفتوح مع الجميع
الموقف الروسي
في المقابل، تتبنى روسيا موقفاً أكثر تحفظاً وموازنة بين الأطراف المتنازعة. ينعكس هذا الموقف في النقاط التالية:
1. التوازن بين الأطراف: تسعى روسيا للحفاظ على علاقات جيدة مع كل من المغرب والجزائر. تدعم روسيا الجزائر تاريخياً وتعتبرها حليفاً استراتيجياً في المنطقة، لكن في الوقت ذاته، تسعى لتعزيز علاقاتها الاقتصادية والسياسية مع المغرب، كما يتضح من زيارات المسؤولين الروس للمغرب والتعاون في مجالات مثل الطاقة.
2. النفوذ في شمال إفريقيا: ترى روسيا في هذا النزاع فرصة لتعزيز نفوذها في شمال إفريقيا والبحر الأبيض المتوسط. من خلال التوازن في موقفها، تستطيع موسكو اللعب على وتر التوترات الإقليمية لتحقيق مصالحها الاستراتيجية، مثل مبيعات الأسلحة لبلدان المنطقة.
3. الأيديولوجية والتعددية القطبية: على النقيض من الموقف الأمريكي الذي يدعم طرفاً واحداً بشكل واضح، تؤمن روسيا بمبدأ التعددية القطبية وتسعى لتعزيز نظام دولي لا تهيمن عليه قوة واحدة. يعكس هذا الموقف الأيديولوجي رؤية روسيا لدورها كقوة عظمى مستقلة تسعى لتحقيق توازن القوى.
تأثير التباين الأيديولوجي على النزاع
يؤدي التباين الأيديولوجي بين الولايات المتحدة وروسيا إلى تعقيد الحلول الممكنة للنزاع. بينما يسعى المغرب لاستثمار الدعم الأمريكي لتعزيز موقفه، تستفيد جبهة البوليساريو والجزائر من الدعم الروسي للحفاظ على موقفهما وتأكيد حقوقهما.
يؤدي هذا التباين إلى حالة من الجمود السياسي، حيث لا تستطيع أي من الأطراف تحقيق انتصار حاسم. بل يستمر الصراع في إطار لعبة توازن القوى الدولية، مما يعقد جهود الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لحل النزاع بشكل سلمي وعادل يؤكد مغربية الصحراء
يمثل النزاع في الصحراء المغربية نموذجاً معقداً لتأثير التباينات الأيديولوجية بين القوى الكبرى على الصراعات الإقليمية. يعكس الموقف الأمريكي الداعم للمغرب رؤية استراتيجية وأيديولوجية ترتكز على الشراكات الإقليمية ومواجهة النفوذ الروسي والصيني، في حين يسعى الموقف الروسي للحفاظ على توازن بين الأطراف المتنازعة وتعزيز نظام دولي متعدد الأقطاب. في النهاية، تبقى هذه التباينات عقبة أمام التوصل لحل نهائي النزاع، مما يتطلب جهوداً دولية متوازنة تأخذ في الاعتبار مصالح جميع الأطراف المعنية وذلك بإقرار رسمي بالحل الذي طرحه المغرب وهو آخر الحلول دون سواها، لأن المغرب لن يفرط في جزء من ترابه الوطني .