الشهيد عبد القادر علام فخر القواسمة قصة بطل حقيقي توفي دفاعا عن العروبة في ساحة الحرب بالجولان جتثه لم تتعفن، والملكين الحسن الثاني ومحمد السادس وقفا على قبره بسوريا ترحما على روحه الزكية، وحافظ الأسد كان يخص أسرته باستقبالات رسمية

مغربية بريس
أعده: عزيز مكال

نحكيو ماجرى نحييو الجنود
يامن نالو من إعجاب يبشر بالخير
فارس بلادي وفى وحطم القيود
تورخ إسمو بالأفعال فسيناء والجولان
ماغلباتو عواصر ماقهراتو رمال

هذا مقطع من أغنية شهيرة أنجزتها مجموعة المشاهب تكرم فيها الأبطال المغاربة الذين حاربوا ودافعوا على الشرف العربي بالجولان سنة 1973، وطبعا كان من أبرز الأسماء التي شاركت في هذه الحرب ابن مدينة سيدي قاسم الشهيد عبد القادر علام.
النشأة والدراسة
ازداد عبد القادر في 20 شتنبر 1926 بمدينة سيدي قاسم، وهو الأكبر بين إخوته العشرة، الطاهر ،محمد ، سعيد، المامون ، بنسايح، حميد، فاطنة، ثريا، رشيدة وكلهم من والده المرحوم أحمد بن القايد الجيلالي ووالدته طامو بنت بنعيسى بنزروال وأخت القايد عبد الرحمان بنزروال ، فيما ترك خمسة أولاد :جود – نور – سليم – نسيم – رحمان.

درس عبد القادر علام بإعدادية المهدي بن تومرت، وثانوية مولاي يوسف بالرباط، بعدها مباشرة في سنة 1945 التحق بالأكاديمية العسكرية بمكناس التي قضى بها مدة 4 سنوات، ثم التحق بمدينة بوردو الفرنسية سنة 1950 حيث تلقى تكوينا عسكريا هناك، وشارك في حرب الصين الهندية ” لاندوشين” لمدة سنتين،وكان من بين القلائل الذين عادوا سالمين من حرب أتت على الأخضر واليابس.
– مسيرة محارب فذ
عند عودة المغفور له محمد الخامس من المنفى سنة 1953 كان علام عبدالقادر من بين المستقبلين له، وفي سنة 1963 شارك في حرب حاسي بيضا ضد الجزائر وهي السنة التي ارتقى فيها إلى قائد ونال وسام من يد الراحل الحسن الثاني بمدينة إفران.
أصيب عبدالقادر علام خلال محاولة انقلاب الصخيرات سنة 1971، وكان بحق بطل شهم قاتل ضد المتمردين، لكن أصابته رصاصة على مستوى ذراعه حينما نجح في نزع سلاح ناري من بين أحد الهجوميين، ولولا ذكائه لكان من بين الضحايا، بحيث كان متزعمي الانقلاب يبحثون عنه لكنه اختبأ مع القتلى وفلت بجلده. ومباشرة بعد شفائة عين للمشاركة في حرب الجولان سنة 1973 على رأس إحدى التجريدتين اللتين بعثهما المغرب إلى الجولان إلى جانب باقي جيوش الدول العربية في حربها ضد إسرائيل،وكانت تضم 5450 جندي و30 دبابة و12 طائرة و4 طائرات ف5.
أثناء الحرب قام الجنود المغاربة الأشاوش الذين يقودهم عبد القادر علام بتوغل في الجولان على حدود مكان يسمى “ساسة” وخلال اليومين الأولين من الحرب استعادت سوريا مدينة القنيطرة من طرف السوريين بمؤازرة فعالة للقوات الملكية المسلحة المغربية بقيادة عبد القادر علام. والتي ضربت قواتها البرية الباسلة أروع الأمثلة في الشجاعة والتضحية.
– علام كاد أن يقبض على”موشي ديان”
إن الدور المتميز الذي قامت به التجريدة المغربية التي قاتلت في معارك تحرير الجولان السوري المحتل جعل من علام نجما في هذه الحرب، ويحكي شقيقه أن عبد القادر كان قاب قوسين من إلقاء القبض على “موشي ديان ” أثناء زيارة هذا الأخير لإحدى الفيالق الموجودة بساحة الحرب، فشاهده عبر المنظار وزحف نحوهم بسرية وقتل العديد من الجنود الإسرائليين فيما نجا “موشي ديان” من الأسر الذي كان سيسقط فيه على يد العقيد علام.
يعتبر عبد القادر علام من الوجوه والأسماء الخالدة التي طبعت تاريخ المغرب عامة ومدينة سيدي قاسم خاصة،وهو يعتبر بحق بطل وطني استشهد في ساحة الشرف على شريط الجولان في أكتوبر 1973 ودفن بمدينة القنيطرة السورية.
– – لحظاته الأخيرة
على عكس ما يعتقده الكثيرفإن علام استشهد في إحدى مصحات بالقنيطرة متأثرا بجروحه، وكان الراحل الحسن الثاني فور سماعه للنبأ إصابته أ‘طى أوامره بإرسال وفد من بينهم الدليمي للاطمئنان على صحته، وأثناء عيادته بالمصحة حيث كان في كامل وعيه قبيل وفاته بلحظات قال العقيد علام لأفراد الوفد : ” قولو لسيدنا راني ماحشمتش به فالحرب” إلى أن لفظ أنفاسه على سرير المصحة.

 

 

 


– – نبأ استشهاد علام
كان العالم يتابع الحرب التي تدور رحاها في الجولان، وطبعا كانت أسرة علام مهتمة بالتطورات التي تحصل في هذه الحرب وكباقي المغاربة كان الجميع يفتخر بشهامة الجيش المغربي، وفي خضم هذه الترقبات رن هاتف الأسرة وكان المتحدث المامون علام الشقيق الأوسط وعميد الشرطة بالرباط يخبر العائلة بنبأ استشهاد الشقيق الأكبر عبد القادر علام في الحرب،انتقل الجميع لمدينة الرباط- يحكي حميد علام – ولحقهم العديد من سكان سيدي قاسم .
المفاجأة
كانت سوريا قد نقلت رفاة الشهداء من المقبرة الأولى التي تم دفن جميع الشهداء بها سنة 1973،إلى مقبرة جديدة بدمشق سنة 1995، ويحكي حميد علام أنه أثناء إحدى الزيارات التي يقوم بها أفراد الأسرة لقبر الشهيد ، اقترب منهم حارس المقبرة وأخبرهم أنه أثناء عميلة نقل رفاة الشهداء استغرب الجميع وأصيبوا بالذهول بعد أن لاحظوا الحالة التي كان يوجد عليها جثمان الشهيد عبد القادر علام التي لم تتعفن وبقيت على حالها حيث كان– حسب حارس المقبرة- في هيأة سليمة كأنه دفن قبل زمن قصير فيما كانت رفاة باقي الشهداء عبارة عن هياكل عظمية.
زيارة الملكين الحسن الثاني ومحمد السادس لقبر الشهيد
واعترافا بالمجهودات والبطولة التي قام بها هذا البطل المغوار قام الراحل الحسن الثاني بزيارة خاصة لمقبرة الشهداء بالقنيطرة سنة 1998 ووقف على قبر الشهيد عبد القادر علام سنة مترحما على روحه الطاهرة، وهي الزيارة التي كررها الملك محمد السادس سنة 2002
حيث قرأ العاهل المغربي الفاتحة ترحما على أرواحهم الطاهرة. بعد ذلك وقع في سجل الشرف الكلمة التالية: (قال تعالى: «ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون». أترحم بخشوع على أرواح شهدائنا الأبرار في معركة الجولان داعيا لهم بالمغفرة والرضوان وفسيح الجنان. توقيع: محمد بن الحسن
كان عبد القادر علام أكثر من جندي عادي فهو الرجل القاسمي الذي تعددت فيه المواهب، والمتحلي بالشجاعة والشهامة.
سوريا تعترف بالجميل، وحافظ الأسد يخص الأسرة باستقبال رسمي
يقوم أفراد عائلة الشهيد علام بزيارات لدمشق للترحم على قبره، وتتكفل الدولة السورية عن طريق سفارتها بالرباط بمصاريف هذه الرحلات من غقامة وسيارة توضع رهن إشارتهم هناك ، وكان الرئيس الراحل حافظ الأسد يخص الأسرة باستقبال كان يتعدى زمنه الساعة والنصف، وكان قد أخبرهم بأن الملك الحسن الثاني بعث له برسالة خطية حملها عبد القادر علام يخبره بشهامة الرجل وتميزه عن باقي البعثة، وفي أول زيارة لوالدة الشهيد السيدة طامو انهارت على قبره ومن حينها وهي تقاوم المرض إلى أن فارقت الحياة بعد ثلاثة أشهر تحسرا عن فقدان الابن البكر لها .
العلام الرياضي
مارس الشهيد علام كرة القدم في صفوف الاتحاد الرياضي القاسمي كقلب هجوم وبعدها كمسير ، ويحكي أحد قدماء الاتحاد أن العقيد وهو كشخصية بارزة في الجيش المغربي كان يستقبل الجمهور القاسمي في باب الملعب البلدي أنذاك أثناء المباريات الرسمية مساهمة منه في تنظيم الدخول، لحبه الشديد لمدينته وفريقه الذي جاوره لسنوات، حيث ساهم في صعود الفريق القاسمي لقسم الكبار أول مرة سنة 1967 كمسير.
وكانت لعبد القادر علاقات متينة مع مسيري أكبر الفرق الوطنية كالوداد والرجاء والطاس وغيرها من الأندية المغربية.
علام والأسرة

يحكي شقيقه حميد علام للشعاع أن عبد القادر كان يحضى باحترام كبير من كل أفراد الأسرة لعدة اعتبارات منها أنه الأكبر سنا بين إخوته، وكذا لشخصيته التي كان يطبعها روح المسؤولية ،إذ كان يهتم بشؤون الأسرة وبشكل واضح بوالدته، ليصبح المسؤول بعد وفاة الوالد سنة 1960
علام الإنسان
كان عبد القادر علام يتسم بتواضع كبير وكان يظهر ذلك عند حلوله بمسقط رأسه سيدي قاسم حيث كان يعامل الجميع بحب واحترام ويساعد المحتاجين ، وكان يبدو كشخص عادي بين أبناء بلدته الذين كانوا يكنون له تقديرا خاصا.
تخليد إسم الشهيد عبدالقادر علام
أطلق إسمه على العديد من المرافق الاجتماعية والشوارع بالمغرب،منها:
* ملعب كرة القدم بسيدي قاسم
* مدرسة ابتدائية بسيدي قاسم
* شارع كبير بمدينة الدار البيضاء
*ثانوية بنيابة مولاي رشيد سيدي عثمان بالبيضاء
* تكنة عسكرية بالحسيمة
* إعدادية بالمحمدية

تعليقات (0)
أضف تعليق