المرأة المغربية في زمن كورونا ورمضان

مغربية بريس

كتبت مديحة ملاس
باحثة في قضايا الأسرة

هل هلال رمضان وجمعت أخواتي النساء أكياس المآذب الرمضانية وكلها استعداد على أن يكون هذا الشهر شهر الجمع والألفة , وشهر التشارك في الطقوس وفرصة ليعرف الرجال كيف تعد الموائد , وماذا ينتظرها بعدما تفرغ الصحون وتحول مباشرة الى الصنبور ليعاد بريقها من جديد في رفوف المطبخ الذي لا يدخله الرجل لأنه ساعتها يكون قد ترك الباب خلفه وراح يفرغ معدته بشاي المقهى في انتظار العشاء والسحور وتكون المرأة ساعتها قد سلمت جسدها الى الوسادة تشكو تعبا وغدا يوم تعب جديد ..
هذا العام أصدرت فيه كورونا حكما على العالم الإسلامي والعربي أن يمر شهر رمضان في الإطار الديني والإجتماعي والإقتصادي بالشكل القويم والصحي , وفرضت على معاشر الرجال أن يتقاسموا كل شيء مع زوجاتهم , وهو فعل جميل لن تنسى فضله الزوجة على الزوج , خاصة إذا كان من غير المدمنين على أشياء تجذب الأعصاب والغضب المجاني وإفراغ حمولة الإدمان على ظهر الزوجة .
قد يكون هذا الحجر الصحي متعبا وقاسيا دون رمضان , إغلاق جاء كرها على من تعود الشارع والمقهى وقهقهات الأصدقاء ومتابعة مقابلات كروية لاتنتهي , إغلاق حول الأزواج الى مراقبين لكل ما يتحرك في البيت , وحول الزوجات الى كائن متنقل بين طلبات الأبناء ووحم الرجل , لكن حلول رمضان في زمن كورونا قد يغير رقعة اللعبة في مربع ضيق على المرأة أن تكون فيه حكما ولاعبا وأحيانا يجب أن تلعب دور  ” الكوتش” ولم لا قد تتحول الى معالج نفسي وإسفنج يمتص كل غضب أو صداع أو قلق أسري , لكن هل يمكن للمرأة أن تلعب كل هذه الأدوار العصيبة , وهل هذه النفس الأنثوية تستطيع امتصاص كل هذه المواد البشرية المؤدية , ومن أين ستأتي بهذه المادة الخام من الصبر والحكامة , ومن سيسمع أنينها إذا اشتكت أعضاؤها وأعصابها ألما وتعبا , تعالوا إذن نتبادل الأدوار يامعاشر الرجال ولو في شهر رمضان , تعالوا لنتقاسم حرارة المطبخ وسخونة أثعاب البيت والغرف وثلاث وجبات ملزمة لطقوس رمضان , وتلبسون وزرة المطبخ ولو لسويعات قبيل آذان المغرب ومابعد آذان العشاء حينما تخرجون للتراويح ومنها الى الشارع والمقهى , كل هذه الأمور لايظهر لكم ثقلها وأوزار مشاقها .
رمضان كورونا ولأول مرة جاء لتكونوا شهودا على محنة الزوجات في شهر المغفرة والتواب , والذي يتحول عند كافة الرجال الى شهر ” الشهيوات والملذات وماتحضره النساء طوعا وكرها , حقيقة أن ليس كل الرجال كما أسلفنا ذكرا , وليس كل الأزواج يلعبن دور ” سي سيد ” في رمضان هناك أزواج تعطى لهم تعظيمة سلام واحترام , لأنهم يرون في زوجاتهم جانبا من أمهاتهم وجزء يسيرا من أخواتهم , ويدركون أن هذه شقيقتهم في الحياة ولو حصل لها عطب أو تعب فقد يدفع الزوج ثمنه من جسده وأعصابه , وقد تتبعثر أوراق عمله لأنه يعلم أن دور المرأة هو ما يجعله يؤدي دور الرجل الكامل ويدرك جيدا أنه لايستطيع مقاومة دور المرأة مهما انتفخت عضلاته وارتفع منسوب جيبه .
رمضان كورونا فرصة جامحة للرجال ومناسبة سانحة لكي يقوي حصانة حب زوجته ويعطي لأولاده درسا ناجحا في التشارك والتطابق والتلاحم الأسري , تقتسم فيه الأدوار , وتصبح فيه المسؤولية استثمار , وتشعر الزوجة أن ظهرها مسنود بزوج يعمل بالآية الكريمة ”  (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّـهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ) وقوامة الرجل يجب أن تكون دون أي ظلم أو استبداد، ولكن يجب أن تكون إدارة الأسرة قائمة على التعاون، والتشاور، والتفاهم.
وأما الزوجة فستستحضر حتما قوله تعالى ”
“وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ” .

تعليقات (0)
أضف تعليق