مغربية بريس
متابعة خاصة …….. معروف مطرب
في عالم تتشابك فيه خيوط الأقدار وتتداخل فيه مسارات الحياة، يبقى التعليم هو النور الذي يضيء الدروب ويكشف لنا الجمال الكامن في المعرفة. هذا ما أدركه السيد المحترم “أحمد كيكيش” النائب الإقليمي السابق للمديرية الاقليمية لوزارة التربية الوطنية والتكوين المهني بالقنيطرة التي أصبحت اليوم تحمل اسم المديرية الاقليمية لوزارة التربية والتعليم الأولي والرياضة، الرجل الذي حمل على عاتقه، بكل شجاعة وإيمان، مسؤولية بناء جيل قادر على فهم ماضيه، واستيعاب حاضره، والتخطيط لمستقبله. لم يكن مجرد نائب إقليمي أو مسؤول تربوي، بل كان قائدا تربويا بامتياز، قلبه ينبض بالحب والتفاني لهذه الرسالة السامية.
في البداية، كان السيد المحترم أحمد كيكيش نائبا إقليميا، والفارق بين المسؤول التربوي وبين القائد التربوي ليس مجرد كلمات تُقال، بل هو تفاعل حي مع الروح الإنسانية. عمله لم يكن محصورا في التخطيط الإداري وتنظيم العمليات فحسب، بل كان يتضمن إشعال الشرارة الأولى في نفوس المعلمين والأساتذة والتلاميذ، ليعلمهم أن المعرفة ليست مجرد تراكم للمعلومات، بل هي شعاع من الضوء يكشف للإنسان عن معنى وجوده في هذا العالم. كما يقول الكاتب الفرنسي ألبير كامو: “التعليم هو الطريق الوحيد الذي يعبر بنا إلى الحرية.”
كان الرجل يشدد في كل حديث له على فكرة أن التعليم ليس مجرد نقل للمعرفة، بل هو فعل حياتي، وجسر يمتد بين الأجيال. كان يرى أن كل قرار يتخذه في منصبه هو بذرة ستنمو وتثمر في قلوب المعلمين والطلاب على حد سواء، لتزهر أملًا وطموحًا، وتُسهم في تشكيل كينونتهم. لقد كانت رسالته دائما تتمحور حول فكرة أن التعليم يجب أن يكون أداة للتحرر الشخصي والاجتماعي، وتحرير الأفراد من القيود التي قد يفرضها الجهل أو التقاليد القديمة. كان يُعيد دائما تذكير الجميع بالقول الشهير للفيلسوف الألماني فريدريك نيتشه: “التعليم هو أن نعلم الناس أن الحياة ليست مجرد الانتظار لحلول تأتي من الخارج، بل هي مسار من التغيير الداخلي.”
التعليم أداة للعدالة الاجتماعية:
من خلال مسيرته المهنية كنائب إقليمي، لم يكن السيد النائب الاقليمي المحترم “أحمد كيكيش” مجرد رجل سياسة تعليمية، بل كان مُصلحا تربويا، حيث سعى دائما إلى ضمان تعليم عادل ومساوٍ للجميع. ففي ظل التحولات المجتمعية التي يشهدها العالم، كان يعلم أن التعليم هو الأداة الأكثر فعالية لمكافحة الفقر وتغيير واقع المجتمعات. كانت الحكمة العميقة التي قالها الزعيم المصري السابق جمال عبدالناصر تردد في أذنه: “التعليم هو الأساس الذي يمكننا من بناء مجتمع قوي وعادل.”
وفي سعيه الحثيث لبناء جيل جديد من المتعلمين، كان يَعمل على تحفيز العقول الشابة لتكون محركات التغيير في مجتمعهم. فالتعليم الذي يعزز من قيم العدل والمساواة ويشجع على التفكير النقدي هو الذي يجعل من الأفراد أفرادا واعين ومؤثرين في بناء وطنهم.
القيادة التربوية: القوة الخفية التي تقود المجتمع
قد يظن البعض أن السيد النائب الإقليمي المحترم أحمد كيكيش كان في منصب إداري يقتصر على توزيع المهام أو التنظيم، ولكن في الواقع كان يقتحم أبعادا أعمق من هذا بكثير. القيادة التربوية، في نظره، لا تُعنى فقط بتحقيق الأهداف التنظيمية، بل هي شكل من أشكال الإلهام والقدرة على تحفيز الآخرين ليكونوا أفضل نسخة من أنفسهم. كان يعامل الجميع باعتبارهم شركاء في العملية التربوية، سواء كانوا معلمين، إداريين، أو تلاميذ، وعرف أن أكبر قوة يمكن أن تمنحها القيادة هي القوة الخفية المتمثلة في بناء الثقة.
السيد النائب الإقليمي أحمد كيكيش كان يعلم جيدا أن التربية لا تأتي من قرارات إدارية فقط، بل هي عملية تفاعلية ممتدة بين الأساتذة، المعلمين والتلاميذ، بين المدراء وموظفيهم، وبين المجتمع بكامل أفراده. وكما يقول الزعيم الأمريكي مارتن لوثر كينغ: “القائد ليس هو الذي يبني الجدران حوله، بل هو الذي يكسر الحواجز ويُفضي للآخرين بالحياة.”
من خلال حواراته اليومية مع المدراء، الأساتذة، المعلمين والأطر التربوية وكذا الإداريين، كان يعزز من ثقافة التبادل الحر للأفكار والنقد البنّاء، حيث كان يؤمن بأن أفضل السياسات التعليمية هي تلك التي يتم تبنيها بناء على رؤية مشتركة بين جميع المعنيين بالعملية التربوية. لقد جعل من التعليم منارة تُنير طريق الأجيال القادمة نحو المستقبل، كما كان يردد الفيلسوف اليوناني سقراط: “من يزرع الحكمة في قلب إنسان، فإنه يزرع الأمل في الإنسانية جمعاء.”
التطوير المستدام والابتكار:
إذا كان السيد النائب الإقليمي المحترم أحمد كيكيش قد قدم للمجتمع رؤية متكاملة للكيفية التي ينبغي أن يتطور بها النظام التربوي، فإن اهتمامه بتطوير المدارس والمرافق التعليمية لم يكن مجرد رفاهية، بل ضرورة ملحة لضمان الوصول إلى أفضل معايير التعليم. ففي وقت كانت فيه مدارس كثيرة بحاجة إلى إعادة تأهيل، كان يرفع شعار “التعليم حق للجميع، وعلى المؤسسات التعليمية أن تكون المكان الأمثل لنمو الأطفال عقليا وجسديا ووجدانيا.”
كانت طموحاته تمتد لتشمل توفير بيئة تعليمية مريحة وآمنة للناشئة من تلاميذ المؤسسات التعليمية، مكانا يجد فيه كل تلميذ نفسه، ويشعر بقيمته. ولم يكن ينظر إلى تطوير البنية التحتية فقط، بل كان يسعى أيضا لتحسين جودة المناهج الدراسية وتعزيز تدريب الأساتذة والمعلمين ليكونوا قادرين على إحداث الفارق في حياة تلاميذهم. كما قال المؤرخ البريطاني أرنولد توينبي: “إن الطريق إلى التغيير يبدأ بتغيير المواقف، والمواقف تتشكل من خلال التعليم.”
إرث خالد: سيظل حيويا في ذاكرة الوطن
من خلال هذا المسار الطويل من العطاء، ترك السيد النائب الإقليمي المحترم أحمد كيكيش إرثا لا يمكن نسيانه. لم يكن فقط مسؤولا تربويا فحسب، بل كان قائدا حكيما. كان يعلم أن التعليم هو القاطرة التي تحرك المجتمعات نحو الرفاه والتقدم. إن كل خطوة كانت له في ميدان التربية والتعليم كانت بمثابة بذرة غُرست في أرض خصبة، لتثمر جيلا قادرا على مواجهة تحديات المستقبل. كما قال الفيلسوف الأمريكي جون ديوي: “التعليم ليس تحضيرا للحياة، بل هو الحياة ذاتها.”
إن السيد النائب الإقليمي المحترم أحمد كيكيش، في رحلته من نائب إقليمي إلى قائد تربوي، كان قدوة حية على أن المسؤول التربوي الحق هو من يؤمن أن التعليم ليس مجرد مهمة إدارية، بل هو رسالة حياة تواصل عبر الأجيال، ووسيلة لتغيير الحياة نحو الأفضل.