اليوم العالمي للمسرح … الفن الذي يجعل المستحيل ممكنا بقلم الكاتب: معروف مطرب

اليوم العالمي للمسرح … الفن الذي يجعل المستحيل ممكنا  بقلم الكاتب: معروف مطرب

مغربية بريس 

بقلم ……….. معروف مطرب

ها نحن اليوم، في السابع والعشرين من مارس 2025، نقف على أعتاب مناسبةٍ ليست ككل المناسبات، يوم ليس كبقية الأيام … إنه اليوم العالمي للمسرح! اليوم الذي تتوهج فيه الأرواح، وتُضاء فيه القاعات، وترتفع فيه الأصوات على الخشبات، حاملةً معها كل الشغف، كل الحلم، كل الحقيقة التي لا تُقال إلا عبر الفن! كما قال الكاتب الفرنسي فيكتور هوغو: “أعطني مسرحًا، أُعطِك شعبًا عظيمًا”.

ومن بين كل المدن، ومن بين كل الخشبات، تتلألأ القنيطرة، هذه المدينة التي حملت المسرح في قلبها منذ عقود، التي أنجبت مبدعين ومبدعات نذروا أرواحهم للمسرح، ووهبوا حياتهم لفنٍ لا يعترف بالمستحيل! المسرح في القنيطرة ليس مجرد نشاط، بل هو هوية، ذاكرة، تاريخ، ورؤية ممتدة نحو المستقبل.

رواد المسرح القنيطري: حراس الإبداع وأسياد الخشبة

يا رواد المسرح القنيطري، أيها العظماء الذين كتبتم أسماءكم بأحرف من ضوء على جدران الزمن، يا من جعلتم المسرح محرابًا مقدسًا للفن والإبداع، يا من قاومتم الصعوبات، وتحديتم شح الإمكانيات، وصنعتم من اللاشيء كل شيء… تحية لكم، ألف تحية، بحجم السماء! كما قال المخرج المسرحي البريطاني بيتر بروك: “المسرح هو أقرب شيء إلى السحر، حيث يتحول الإنسان إلى حلم، والحلم إلى حقيقة”.

كيف لا نُشيد بكم، وأنتم الذين أعدتم تعريف الفن المسرحي، وأضفتم إليه نكهة خاصة، مغربية خالصة، قنيطرية أصيلة؟ كيف لا ننحني احترامًا، وأنتم الذين جعلتم الجماهير تضحك، تتأمل، تحلم وتفكر، كل ذلك في لحظة واحدة، في مشهد واحد، في كلمة واحدة؟

تحيةً لكم، أيها المبدعون، يا كتّاب النصوص المسرحية، يا مخرجي الرؤى الخلاقة، يا ممثلي الشغف المتقد، يا مصممي الإضاءة والديكور، يا من تعملون في الظل ليضيء المسرح، يا من تؤمنون بأن الفن رسالة، وأن المسرح معركة لا يُهزم فيها إلا من استسلم.

التحية والرحمة لرواد المسرح الذين رحلوا … لكن أثرهم لا يموت:

كيف لنا أن نحتفي بهذا اليوم دون أن نرفع أكف الدعاء لمن جعلوا للمسرح القنيطري روحًا خالدة؟ كيف لنا أن ننسى أولئك الذين أسسوا، وأبدعوا، وعلموا، وأحبوا هذا الفن حتى آخر لحظات حياتهم؟ كما قال الكاتب المسرحي الأمريكي تينيسي ويليامز: “المسرح هو المكان الذي تُستعاد فيه نبضات القلب الإنساني”.

إلى أولئك الذين رحلوا، لكن ظلهم ما زال حاضرًا على الخشبة:

إلى الفنانين الذين كتبوا أولى الكلمات، ورسموا أولى المشاهد، ووقفوا على الخشبة بقلوب مفعمة بالعطاء… رحمكم الله وأسكنكم فسيح جناته.

إلى الممثلين الذين أضحكونا وأبكونا، الذين جعلوا المسرح نافذتنا إلى العالم، والذين علمونا أن الفن لا يموت حتى لو غاب الجسد… رحمكم الله وأسكنكم دار الخلود.

إلى المخرجين، والتقنيين، والعشاق الصادقين للمسرح، الذين كانوا شموعًا مضيئة في درب الفن، وغادرونا تاركين خلفهم إرثًا من الإبداع … اللهم اجعل أعمالهم نورًا في قبورهم، وارفعهم إلى أعلى درجات الجنة.

يا رواد المسرح القنيطري الذين غادرونا، لكن بقيت أصواتكم تتردد بين الكواليس، وبقيت أعمالكم تنبض بالحياة … سنظل نذكركم، وسنظل نكرمكم، وستظل أسماؤكم محفورة في ذاكرة المسرح إلى الأبد.

القنيطرة … مدينةٌ تتنفس المسرح:

ليست القنيطرة مدينة عابرة في المشهد المسرحي المغربي، بل هي واحدة من قلاعه الحصينة، ومنصاته الخالدة. هنا، وُلدت فرق مسرحية حملت راية الإبداع، هنا تألق ممثلون خطفوا الأضواء، هنا صُنع تاريخٌ حافل بالعروض التي هزت الوجدان، وأيقظت الضمير، وزرعت الأمل! كما قال المخرج المسرحي الروسي قسطنطين ستانيسلافسكي: “المسرح ليس مجرد فن، إنه الحياة ذاتها، حين تُعاش بجرأة وصدق”.

هنا، على خشبات القنيطرة، تعلّمنا أن المسرح ليس ترفًا، بل حاجة إنسانية. هنا، رأينا كيف يمكن لمشهد بسيط أن يقلب الموازين، لكلمة واحدة أن تغير مصيرًا، لنظرة واحدة أن تختزل قصةً بأكملها. القنيطرة لم تكن يومًا مجرد مدينة، بل كانت وما زالت مسرحًا مفتوحًا، حيث الحياة نفسها تُعاد كتابتها كل يوم!

المسرح … حب لا يموت، شغف لا ينطفئ:

في هذا اليوم المجيد، نرفع القبعات احترامًا، ونرفع الأيادي تصفيقًا، ونرفع الأصوات فخرًا… تحيةً إلى كل من جعلوا المسرح نبضهم، وحياتهم، ورسالتهم. تحيةً إلى القنيطرة التي أنجبت عظماء الخشبة، والتي تظل منارةً للفن في هذا الوطن الغالي.

أيها المسرحيون، لا تتوقفوا عن الحلم، لا تتوقفوا عن الإبداع، لا تتوقفوا عن الصراخ في وجه الصمت! أنتم الأمل، أنتم الصوت، أنتم الحقيقة التي تتجسد على الخشبة، أنتم الحكاية التي لا تموت!

كل عام وأنتم بخير، كل عام والمسرح القنيطري في أوج تألقه، كل عام والمغرب يُنجب مبدعين يحملون المشعل، ويواصلون المسيرة!

اللهم ارحم من رحلوا، وبارك في من لا يزالون يحملون شعلة المسرح، واجعل الفن نورًا يُضيء دروب العتمة، واحفظ لنا هذا الركح الذي علمنا كيف نكون بشرًا في أبهى صورنا.

 

تعليقات (0)
أضف تعليق