مغربية بريس
كتبت مديحة ملاس
باحثة في القضايا الإجتماعية
لأول مرة في تاريخ الأزمات يخرج رجل الأمن الوطني في بدلة الحرب ضد وباء العصر القاتل متخطيا حاجز الخوف من الإصابة يعبر كل الطرقات مشيا على الأقدام دون قفازات ولا واقي للوجه يناشد المواطنين بالتزام البيوت والمحافظة على قرار الحجر الصحي , وبطرق حضارية لكنها تحمل إشاراتةالحزم لأن الأمر يدعو لذلك , رغم وجود متمردين خارجين عن القانون , خرجوا جميعا ضباطا وقادة وكبار المسؤولين , لم تعد الرتب تتكلم بل حل محلها إجماع أمني باحتواء خطر هذا الوباء الفتاك .
لم تكن المهمة سهلة أمام جهل وعصيان مجموعات من الجهلة الذين لايقرأون ولايتابعون تطورات الوضع في العالم وكيف تعدى حاجز الموت نصف مليون من البشر في أكبر البلدان قوة وإمكانيات ومعدات , عمل أمني أبهر المواطنين وسجلته دول في دفاتر الإستحقاق والشهادة , وهو الحدث الذي جعل المواطن المغربي ولأول مرة يجمع ما بين رجل الأمن والرجل المواطن فعلا كان الشرطي المغربي الوطني الشهم الذي أعطى التحية للمواطن أخيه وهو ملتزم بقانون الإمتثال للقانون , حدث حول شوارع المملكة الى مناخ حميم للتعاطف مع رجل الشرطة المغربي وهو يفرغ الشوارع من المواطنين حتى لاتستفحل العدوى ويعم الوباء , وما لايجب نسيانه في هذا الدور البطولي هو أن هذا الشرطي لم يعد يحسب لنفسه أي حساب أن تصيبه العدوى في أي مكان أو أية ثانية إثناء تأديته الواجب , نحن جميعا جمعنا العدة والتزمنا بيوتنا خوفا من الجائحة لكنه هو التزم بالخروج إليها وجها لوجه , فهل أدكتم خطورة هذا الوضع وما قد يصيب هذا المواطن من ضرر وهو أب ومعيل لأسرة تركها خلفه وجاء مجاهدا وسط نيران العدوى ومجابهة عدو لايرحم …
فهل فهمتم معشر المغاربة خطورة ما يعيشه رجل الأمن ولماذا لازال بعضنا يبدي مواجهة في وجهه وهو لم يخرج إلا لحمايتك ومنع الوباء أن يصلك , وهي فرصة أخرى نستحضرها لنمر مباشرة إلى شريحة أخرى لاتقل شهامة عن رجل الأمن , إنه الطاقم الطبي ورجال البدل البيضاء أو كما يلقبهم البعض بملائكة الرحمان , هؤلاء قد نكون نسينا دورهم وما يعيشونه من رعب مرفوق بالشجاعة وهم يضمون الى صدورهم المصابين وينصتون الى نبضات صدورهم ليس بينهم وبين الموت غير سنتيمات من المساحة غير مبالين بأن هذا الفتاك الفيروسي قد يقطع أنفاسه وقد يأخده قبل أن يأخد روح المصاب , هذا هو رمز الشهامة التي تحلى بها هؤلاء الأبطال ونحن في غفلة من أمرنا لازلنا نجوب الشوارع ونتسكع في الأزقة وأحيانا ندخل في مواجهات حقيرة مع رجال السلطة والأمن ولانعير ذاك الطبيب على أن تهورنا هو ما ترك هذا الطبيب وهذه الممرضة تسكن في غرف التمريض وقد تركوا أطفالهم وأسرهم ليواجهوا هذا البلاء ولينقذوا أرواح مواطنين أكثرهم تسبب تهورهم في نقل العدوى الى أبرياء صاروا وجها لوجه أمام الموت .
ولأجل هذا نهيب بكل المواطنين الشرفاء أن يقفوا وقفة إجلال وإكبار وأن يرفعوا قبعة النصر لكل هؤلاء جميعا وعلى رأسهم ملك البلاد ورمزها باعتباره ساهرا يتابع المستجدات ساعة بساعة ويضع كل أولوياته في عمق هذه الأزمة التي يشهدها العالم ونحن ولله الحمد نسابق الزمن والعدو الوباء حتى لاتتصاعد أرقام الموتى كما تصاعدت في كبريات الدول العظمى , ونسأل الله العلي الحفيظ أن يديم عنا السلامة ويحفظ عذه الأمة وأن يهدي الى الرشد والحكمة هؤلاء الذين لازالوا لم يستوعبوا على أننا اليوم نعيش حربا عالمية جرثومية لاتحصد إلا الأغبياء الذين لازالوا لم يفهموا على دواء هذا الفيروس ليس علاجا كيماويا ولكن هو الحجر الصحي حتى تمر سحابته بردا وسلاما .