اطفال الغد او جيل المغرب القادم هؤلاء الذين يعبرون الطريق الشائك المثقل بكوارث الطبيعة يتحدون الأمطار والوحل وقسوة البرد يقطعون الأميال برا وعبر جداول الامطار التي تنفذ الى ملابسهم الرثة وأحذيتهم البالية الى ان يصلوا بنايات المدارس المهترئة التي يتخدون منها محطة للاستراحة من ثعب الطريق بدل ان تكون منبعا للعلم والتمدرس .
في جولة استطلاعية قام بها فريقنا الإعلامي بمنطقة سيدي سليمان حيت تتواجد المجموعات المدرسية المتناثرة شرقا وغربا ، اتجهنا صوب منطقة القصيبية اولاد حنون صادفنا مجموعات صبية يتجهون صوب مدارسهم يحملون اكياسا تشبه الحقائب واخرى يحملون فيها قليلا من الخبز والشاي وبقايا اطعمة من المرق والعدس المسلوق وقنينات بلاستيكية جمعت مابين الماء ومشروبات غازية لانعرف اصلها ونوعها ، تلك هي الاطعمة التي سوف يتناولها الطفل من الصباح حتى حين عودته في المغرب ، ألفينا نظرة متفحصة عن ملابسهم وكان ألمنا شديدا حينما راينا ان جلهم يرتدي ملابس صيفية في هذا البرد واما الاحذية فتلك مصيبة اخرى ، اطفال يرتدين نعالا نصف اصابعهم تظهر منها وآخرون حالفهم الحظ في ارتداء احذية قد يكون ورثها من اخيه الأكبر وآخرون يلبسون احذية المطر . خليط غير متجانس وغير عادل في حق هذه الفتية الصغار الذين يجهلون مصيرهم الدراسي ولا ماذا ينتظرهم طوال هذه السنة الدراسية الملأى المفاجئات والمجهول من المستقبل .
تابعنا الطريق خلفهم من دون ان يشعروا حتى مكان وصولهم الى ما يسمى بالمدرسة تلك مصيبة اخرى ، حيث كان الاطفال يتجمعون في زوايا مختلفة والمعلمون في زاوية اخرى وتظهر لك ألوان الملابس وأشكال عمرية مختلفة وشيء ما يشبه الجو الدراسي الخالي من اية لمسة بيجاغوجية او تربوية اوتعليمية ، كان الجو باردا من كل المناحي وبعد التعرف ادركنا ان قسما ما ظل في مايشبه الساحة دون معلم قيل لنا ان النيابة او المدير لم يعين بعد مدرسا لهذا القسم وتضطر الادارة لتوزيعهم على الاقسام الى إشعار جديد بتعيين جديد إن حصل .
لكن بعض التلاميذ ادركوا ما يجري وحاولنا معرفة ما حصل فاستدرجنا احدهم لماذا رجعت من المدرسة أجاب بغضب متناثر : المعلم مكاينش ونا غادي نمشي نسرح لبهايم حسن هدي شهر وحنا كنمشيو ونجيو مكاين لا معلم لا معلمة حسن نبقا فلخيمة .
قالها بعبارة مستاءة وغادر .
هذه هي حالة التعليم بالمنطقة وهذا هو وضعها المقيت وهكذا نهيئ جيلا من الجهلة ونغني خلف الشاشات وفي الاخبار محاربة الهدر المدرسي في الوقت الذي يجب ان نحارب التخطيط المدرسي الذي يخرج لنا كل عام آلافا مؤلفة من فقراء العلم والأميين الذين يتحولون بعدها الى حطب الإجرام وخريجي السجون . مدارسنا في منطقة الغرب اشبه ماتكون بسرك اجتماعي تربوي لانعرف خطورته وأبعاده حتى يفوت الأوان ، النيابة الاقليمية بالقنيطرة عاجزة عن متابعة هذه القضايا العالقة لأنها تستنجد بوزارة غارقة ليتشبت الغارق بالغارق وتأتي الجريمة الاجتماعية من ظهر العالم القروي الحابل بالمشاكل الإجتماعية والإقتصادية لأن الفلاح المتهالك وصل به اليأس لأن يقول خير لي ان يحلس ابني بالبيت يسرح الأغنام ويشتغل في الحقول يجيب ليا 30 درهم افضل لي ان يقطع كل مسافة 6 كلم وفي الاخير يشد الأرض . تعليمنا يقول أحد الفلاحين فاشل ماقضاوها حتى لي فلمدينة عاد غادي يقرا ولدي لي معندو حتى سباط فرجليه .
كوارث التعليم تزداد كل يوم واقليمنا يكبر كل يوم ولاتكبر فيه إلا الجريمة والانحلال وقلة الحيلة ، وأنتم من انتجتم لنا هذا الجيل الذي سيحاسبكم غدا لأنه منحكم ثقته ومنحتموه فراغا واهمالا وقلة ضمير .