مغربية بريس
متابعة خاصة ……..قسم الرياضة
في مدينة القنيطرة، حيث تلتقي نسائم الأطلسي بروح الأصالة، ينبثق من بين جنبات دار الشباب رحال المسكيني نجمٌ من نوع خاص، رجل لم يكن نجاحه وليد الصدفة ولا ابن عشية وضحاها، بل ثمرة نضج وصبر وكفاح طويل … إنه المدرب الرياضي الطيب الخلوق، مصطفى عدور، سفير الملاكمة القنيطرية، ومهندس الأحلام الرياضية الناصعة.
مصطفى عدور ليس مجرد مدرب رياضي فحسب، بل هو ذاكرة حية لتاريخ رياضي متجذر، وامتداد طبيعي لأسرة عشقت الرياضة وعاشت تفاصيلها كما يُعاش المجد. فقد نشأ في منزل كان فيه صدى القفازات أقرب إلى التراتيل اليومية، ووالده لم يكن رجلاً عادياً بل أحد المخلصين لمجال رياضة الملاكمة، وقد تدرب على يد أحد عمالقة هذه الرياضة في المغرب، المدرب الراحل الأسطورة أحمد الشركي، الذي لقّن جيلاً كاملاً مفاهيم الشرف والكرامة والاحتراف في الحلبة.
ولم يكن عجباً أن يطلب الطفل “مصطفى عدور” من والده ذات يوم، وهو يراه يحيي طقوس التدريب، أن يأذن له بالانخراط في هذا العالم الرياضي الساحر. ولم يخبُ الحلم، بل كبر معه، ينضج في صمت ويزهر في طموح، إلى أن شبّ عن الطوق وواصل مسيرته الشغوفة تحت إشراف المدرب المخضرم محمد الصويفي، الذي لمس فيه منذ البداية عزيمة فولاذية، وإرادة تقطع الحديد.
قد يقول قائل: لو اختار مصطفى عدور أن يسلك درب البطولات، لكان اليوم أحد أبطال العالم دون شك. فالرجل كان يملك كل المقومات: القوة البدنية، الخفة، الذكاء القتالي، وسرعة البرق في تسديد اللكمات. لكنه اختار مسارا أسمى … اختار أن يصنع الأبطال بدل أن يكون واحدًا فقط، اختار أن يهب حياته للحلم الجماعي بدل أن يكتفي بالمجد الفردي.
وهكذا، تحول المدرب الرياضي مصطفى عدور إلى مرجع حقيقي في مجال إعداد الملاكمين، وصار اسمه يتردد بين القاعات الرياضية وأروقة الجامعة الرياضية والاتحادات وكذا البطولات، لا بوصفه فقط مدربًا، بل مربي أبطال، يعرف كيف يغرس الثقة في نفوس المبتدئين، ويشعل فيهم شرارة الإيمان، ويقودهم من عتبة الموهبة إلى قمم التألق والنجومية.
من قلب دار الشباب رحال المسكيني، كانت انطلاقة العشرات من الأسماء اللامعة، ذكورا وإناثا، ممن شرفوا القنيطرة والمغرب في محافل دولية، وجعلوا العلم الوطني يرفرف في عواصم الرياضة العالمية، وكل ذلك بفضل توجيه ورعاية هذا المدرب الرياضي المتواضع الذي آمن بأن “صنع الأبطال لا يقل نبلا عن أن تكون بطلا”.
ولأن العظمة لا تصرخ، فإن تواضع مصطفى عدور وخلقه الرفيع جعلاه محبوبا من الجميع: زملاؤه، تلاميذه، آباء المتدربين. فهو يجسد المقولة الشهيرة: “المدرب الجيد لا يُعلِّم فقط … بل يُلهم.”
تحية إكبار وتقدير لهذا المدرب الإنسان، الذي علّم الأجيال كيف يكون النصر مقرونًا بالاحترام، وكيف تكون الملاكمة ليست فقط رياضة جسد، بل مدرسة أخلاق وعزة ووفاء.
دامت قنيطرة الرياضة فخورة بك يا مصطفى عدور.
ودمتَ نموذجًا يُحتذى في زمن قلّ فيه الوفاء وكثر فيه الادعاء.