840 مليار سنتيم ضائعة: هل أجهض الفساد حلم التنمية في القنيطرة؟
مغربية بريس
متابعة ……..قسم التحرير
_تحقيق صحفي – أين اختفت الأموال المرصودة لتنمية القنيطرة؟
في عام 2015، أعلن الملك محمد السادس نصره الله عن مشاريع كبرى تهدف لتحويل القنيطرة إلى قطب اقتصادي حيوي وتعزيز بنيتها التحتية. خصصت ميزانية ضخمة بلغت 840 مليار سنتيم لهذا الغرض، شملت تحسين الخدمات الاجتماعية، وتطوير المرافق الصحية والتعليمية، ومعالجة الفجوات في شبكات الصرف الصحي والبنية التحتية.
لكن بعد مرور نحو تسع سنوات، لا تزال المدينة تعاني من مظاهر التدهور، وتعيش واقعاً بعيداً عن الطموحات التي بُشّر بها السكان. الطرقات في حالة يرثى لها، والخدمات الأساسية لم تشهد تحسناً ملموساً، مما يثير تساؤلات حول مصير هذه الميزانية الضخمة.
رغم التصريحات الرسمية التي تتحدث عن “تقدم ملموس” في إنجاز المشاريع، يظهر تناقض صارخ بين الوعود والواقع الميداني. لا يزال المواطنون يتساءلون عن سر التأخر في إتمام المشاريع، ولماذا لم تحقق المليارات المعلنة الأهداف التي خصصت لها. تقارير محلية وناشطون في المجتمع المدني يوجهون أصابع الاتهام إلى سوء التدبير والفساد، ويؤكدون على ضرورة فتح تحقيق شامل لكشف مصير الأموال.
جزء كبير من المشاريع التي كان من المفترض تنفيذها إما لم يكتمل أو تم إنجازه بشكل جزئي. شبكات الصرف الصحي تعاني من الإهمال، والمرافق العامة التي كان يُنتظر تطويرها لم تشهد أي تحسن يُذكر. في ظل هذه المعطيات، أصبح من الضروري البحث في أسباب هذا التعثر، خاصة في غياب أي عمليات افتحاص واضحة أو محاسبة للمسؤولين عن تدبير هذه الميزانيات.
مع تنامي الشكوك، بدأت منظمات المجتمع المدني في القنيطرة تطالب بإجراء افتحاص مالي دقيق، ليس فقط لتتبع أوجه صرف هذه الأموال، بل أيضاً لتقييم أداء الشركات التي أسندت إليها المشاريع. الهدف من ذلك هو ضمان الشفافية في تنفيذ المشاريع التنموية، والتأكد من أن الميزانيات المرصودة قد أُنفقت بالشكل السليم.
غياب المحاسبة الجادة أدى إلى تفشي الفساد واستمرار سوء التسيير المالي، مما أدى إلى إجهاض مشاريع كان من المفترض أن تعزز التنمية المستدامة في الإقليم. يشير الخبراء إلى أن الحكامة الرشيدة غائبة، وأن الفساد والبيروقراطية يقفان عائقاً أمام تحقيق الطموحات التنموية في القنيطرة ومناطق أخرى من المملكة.
يشعر سكان القنيطرة اليوم بخيبة أمل عميقة. الأموال التي كان من المفترض أن تغير حياتهم لم تؤدِ إلا إلى زيادة التساؤلات والشكوك. يطالب السكان بتحقيق شامل وشفاف لتوضيح مصير الـ840 مليار سنتيم، مع محاسبة المسؤولين عن أي تقصير أو سوء تدبير.
القنيطرة، التي كان يُفترض أن تكون نموذجاً للتنمية المستدامة، تعاني اليوم من تدهور بنياتها وخدماتها. إذا لم يتم فتح تحقيق جاد وفرض رقابة صارمة على تدبير المشاريع العامة، فقد تصبح الأموال المرصودة مجرد أرقام على الورق، ويظل الفساد عائقاً أمام تحقيق التنمية.
إرساء الشفافية والمحاسبة ليس فقط مطلباً محلياً، بل ضرورة وطنية لاستعادة ثقة المواطنين في مؤسسات الدولة، وضمان أن كل درهم يُنفق يكون في خدمة الصالح العام.
القنيطرة في انتظار الإجابة: أين ذهبت 840 مليار سنتيم؟