مغربية بريس
عبد الرحيم النبوي: مكتب آسفي
اختتمت، اليوم الجمعة، بمدينة آسفي، أشغال الندوة العلمية الوطنية حول موضوع “رهانات التحول الرقمي بالمحاكم المغربية”، بعد يوم كامل من التبادل والتقاسم حول مختلف الرهانات والتحديات المرتبطة بالتحولات والتطورات التي تعرفها المنظومتان العمومية والخاصة في مجال التحول الرقمي.
وتناولت هذه الندوة، التي نظمت من طرف محكمة الاستئناف بآسفي ، بشكل مشترك من قبل نقابة هيئة المحامين بالمغرب و المكتب الجهوي للعدول بأسفي و المكتب الجهوي للمفوضين القضائيين بأسفي و الكلية متعددة التخصصات بأسفي والمجمع الشريف للفوسفاط، رهانات التطور الكبير نحو الثورة الرقمية التي توسع مداها خلال السنوات الأخيرة على الصعيد الدولي، وتأثيراتها على منتسبي العدالة.
وأكد الاستاذ محمد الشتوي الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بآسفي، أهمية اختيار هذا الموضوع ، الذي يأتي نظرا لراهنتيه في خضم ورش تحديث العدالة ببلادنا وما يتطلبه من إعطاء تصورات واقتراحات وهندسة للمستقبل قادرة على خلق فرص أفضل وإحقاق الممكن في ظل عالم يعرف تغيرات متسارعة في وسائل التكنولوجيا والمعلومات والتواصل التي أفرزتها أنماط تدبيرية إدارية ومؤسساتية جديدة ساهمت في خلق طفرة رقمية أساسها تقريب المعلومة وتسهيل والولوج المستنير إلى المؤسسات وتكريس مبدأ الشفافية التي يعد أساس التخليق ولبنة أساسية في بناء دولة الحق والقانون.
وأوضح الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بآسفي، أن الغاية من هذه الندوة العلمية الوطنية، هو الوقوف على أهم رهانات التي عملت الأهداف الفرعية من ميثاق إصلاح منظومة العدالة على رفع من قيمة العمل القضائي وجودته داخل المحاكم والبرهنة على فعاليته في المجتمع ، وذلك من خلال وجود المحكمة الرقمية تسعى إلى تلبية حاجيات المواطن و تقليص المدة الزمنية للبث في القضايا ، من أجل ضمان محاكمات عادلة و خلال آجال معقولة و عبر الحرص على تسهيل أداء القضاء لمهمته على أكمل وجه.
ومن جهته، أشار الاستاذ علي شفقي الوكيل العام لجلالة الملك بمحكمة الاستئناف بآسفي، إلى أهمية موضوع رقمنة الإدارة والمرافق العمومية والذي أضحى من المواضيع المحورية الأساسية التي تشكل هاجس الدولة المغربية في تدبير مرفق الإدارة بكل قطاع من قطاعاتها المختلفة، مضيفا أن قطاع العدل يشكل احد أهم المجالات التي حضيت باهتمام متزايد في الآونة الأخيرة خاصة مند انطلاق مشروع إصلاح منظومة العدالة.
وأكد الوكيل العام لجلالة الملك بمحكمة الاستئناف بآسفي، أن تطوير القضاء والرفع من جودته ومن النجاعة القضائية أصبح أولوية بالنسبة للمملكة المغربية تحت القيادة الرشيد لصاحب الجلالة نصره الله وأيده ، الذي ما فتئ يولي قطاع العدل أهمية كبرى من اجل تحديثه وتأهيله وجعله رافعة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتجسد هذا الاهتمام من خلال الخطب الملكية والرسائل السامية التي رسخت مفهوما جديدا لإصلاح العدالة، يقوم على مبدأ القضاء في خدمة المواطن، حيث تم خلق محاكم رقمية تواكب التحولات المجتمعية والتكنولوجية على مستويين الوطني والدولي.
وقال الاستاذ علي شفقي الوكيل العام لجلالة الملك بمحكمة الاستئناف بآسفي، انه في إطار انخراط ومواكبة التحول الرقمي على مستوى الدائرة القضائية لمدينة أسفي، يمكن القول أن تجربة هذا النيابة العامة في المجال الرقمي تظل تجربة مشهودة ومتميزة حيث تم إحداث آليات رقمية لتتبع وتقييم الأداء داخلها وذلك بتثبيت النسخة الثانية من نظام (ساج E) مند أواخر 2019، كما عملت شعبة الإحصائيات والإعلاميات على إحداث 34 لوحة للقيادة كآلية للمراقبة عمل النيابة العامة بالإضافة إلى عدد من التطبيقات المعلوماتية وصل مجموعها 17 تطبيقية معلوماتية للشعب التي لا يشملها نظام (ساج E) تم العمل بها مند سنة 2020 ، وكل ذلك ضمانا لحسن تصريف الأشغال وضمان وضبط العمل بالشعب وتتبعها ومراقبتها تيسيرا لعمل الموظفين وتجسيدا للامادية الإجراءات.
وبدوره، أكد الدكتور المصطفى الراشدي رئيس المجلس الجهوي لعدول استئناف بآسفي في مداخلة له تحت عنوان ” العدول والرقمنة أية أفاق” ، على أهمية مهنة العدول في منظومة العدالة التي تمارس في إطار مساعدي القضاء، موضحا ان الهدف الرئيسي من مهامها هو توثيق الحقوق والمعاملات والحفاظ على انساب الناس وأعراضهم مع انجاز الوثائق والمستندات كوسيلة للإثبات والتي تساعد القضاء في فض النزاعات والفصل في الخصومات، باعتبار أن مهنة العدول بالمغرب تساهم مساهمة فعالة وملموسة في التنمية المجتمعية والاقتصادية وكذا في استقرار المعاملات العقارية والاستثمارات التجارية، فهي تضمن حقوق وواجبات الأفراد والمؤسسات على حد سواء، ولذا يقول الدكتور المصطفى الراشدي، وجب على المشرع والسلطة الحكومية المختصة بذلك أن تدلل العقبات وتحد من الإكراهات أمام الأساتذة العدول لمواكبة التحولات التكنولوجية والالكترونية والانخراط فيها، مؤكدا على انه من مبادئ الإصلاح الشامل لمنظومة العدالة، مبدأ تحديث الإدارة الوطنية والمؤسسات التابعة لها خاصة في مجال والمعلوميات والحوسبة والاتصال، وهذا لا يتأتى يضيف رئيس المجلس الجهوي لعدول استئناف بآسفي، الا ببدل الجهود وتضافرها قصد توطيد التعامل الالكتروني في كل ما يتعلق بمهنة العدول وذلك للارتقاء بها وتجويد الخدمات المقدمة للمواطنين.
هذا وقد تميزت أشغال هذه الندوة العلمية الوطنية المتميزة بعدة مداخلات كان أولها: مداخلة مديرة مديرية التحديث ونظم المعلومات بوزارة العدل ومداخلة مدير الميزانية بوزارة العدل وكذا مداخلة رئيس قسم التكوين بمديرية الموارد البشرية بالوزارة ، كما تميزت الندوة الوطنية بمشاركة عدة فعاليات قضائية وإدارية ومهنية ومسؤولين قضائيين وإداريين واطر مختلفة وخبراء مختصين ومهتمين وباحثين اكادميين دوي تخصصات تقنية ذات الصلة بمجال التحول الرقمي والذين اغنوا الحوار المفتوح على مدى يوم كامل بتدخلاتهم التي استعرضوا من خلالها جل مقارباتهم واقتراحاتهم ذات الصلة بموضوع الندوة، وذلك من خلال أربع جلسات أساسية ، يتعلق الأمر أولا: بالإطار المعرفي والقانوني للتحول الرقمي بقطاع العدل وعلاقته بتطوير الأنماط الإدارية والمؤسساتية الجديدة.، أما الجلسة الثانية فقد خصصت لمأسسة العمل القضائي من خلال الفرص واستشراف المستقبل، وخصصت الجلسة الثالثة للتحول الرقمي والمهن القضائية، في حين اقتصرت الجلسة الرابعة والأخيرة على الجانب العملياتي في التحول الرقمي بالمحاكم المغربية من خلال البرامج المعلوماتية وفرص التطوير .
وأسفرت جل المداخلات والمناقشات الموضوعية الهادفة والتساؤلات البناءة والجادة على مجموعة من التوصيات والتي تمثلت في: نهج مقاربة تشاركية تهدف إلى تعزيز انخراط جميع الفاعلين في منظومة العدالة في ورش التحول الرقمي، اعتماد مخطط التواصل للتحسيس بأهمية وجدوى مشاريع التحول الرقمي وما يمكن أن تقدمه من إضافات نوعية للارتقاء بمنظومة العدالة من حيث ربح الوقت وتجويد الخدمات المقدمة والولوج المستنير للعدالة، إضافة الطابع اللامادي على الإجراءات المتعلقة بالتبادل بين المحاكم ومنتسبي العدالة من خلال تفعيل منصات اليكترونية ومواكبتها والتي تمكن المحامين والعدول والخبراء والمفوضين القضائيين من التواصل والتعاون عن بعد مع جل المحاكم والتبادل اللامادي للمعلومات، دعم قدرات الأساتذة القضاة والموظفين بالتكوينات المستمرة تؤهلهم من أجل مواجهة تحديات مشاريع المحكمة الاليكترونية ومستجداتها المستقبلة، برمجة دورات تكوينية لفائدة لمستعملي المنصات الالكترونية المحدثة، اقتراح إدخال مادة التحول الرقمي في تكوين القضاة والموظفين وداخل الجامعات المغربية والمعاهد العليا، تعزيز وتقوية وتحصين الآمن السيبراني بالإدارة القضائية باعتباره آلية لحماية العتاد المعلوماتي والتطبيقات والبرامج والمعطيات الشخصية من التهديدات الرقمية المحتملة، الانفتاح المستمر على الجامعات المغربية وعقد لقاءات علمية التي من شأنها تفكيك الإشكالات الآنية لهذا الورش ومناقشة سبل تطويره، الاهتمام بعملية الافتحاص للعمليات والتقييم الدوري والسنوي المستمر لمخرجات التحول الرقمي من أجل تتبع مشاريع المحكمة الاليكترونية .