مغربية بريس
حاميد حليم-: مغربية بريس-طانطان
يقول المثل الشعبي “ماقدو فيل زاد فيلة”، و في المنطقة الأطلسية الشمالية و بالضبط بالدائرة البحرية للعرائش لم يغن تفريغ النفايات السائلة المشبعة بالمواد الكيماوية المستعملة في التسميد و معالجة المنتوجات الفلاحية بحوض اللوكوس ،و لا نشاط تسمين التونة الحمراء في الإضرار بالبيئة البحرية بفعل مخلفات الأعلاف السمكية، حتى انضاف نشاط أكثر إضرارا و هو نشاط التنقيب عن النفط.
من المفارقات أن تكون الدائرة البحرية بالعرائش معروفة تاريخيا بإنتاج اسماك الأنشوفة les anchois، حتى يطلق اسم انشوا Anchoi-1 على حقل الغاز،
أكيد أن ثمن التنمية و الرفاه غالي و يكون غالبا على حساب البيئة، كما أن هناك ضريبة على الاستثمارات كمقابل للاستغلال لكن هل تتضمن حصة او نسبة من جبر الضرر؟
جبر الضرر في الثقافة المغربية عادة قديمة تعكس ثقافة التسامح بين الإفراد و المجتمعات (القبيلة) ، لكن في ما يسمى ب”الدولة” فلم نسمع به إلا عند اطلاق برنامج الإنصاف و المصالحة قبل عقدين بعد وصول محمد السادس للحكم، لطي ملف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان خلال سنوات الرصاص و استهلالا للمرحلة الجديدة. فيما لا تزال عدد من المناطق تعاني التهميش و الهشاشة القسرية و تنتظر جبر الضرر الجماعي عبر برمجة مشاريع تنموية و توفير البنية التحتية الضرورية.
في الصيد البحري لا يزال المهنيون ينتظرون حلا جذريا لملف “النيكرو”، فإذا كانت الدولة المغربية وقعت على اتفاقيات دولية بموجبتها تلتزم بحماية الدلفين الأسود، فتبقى الاجتهادات الترقيعية مضيعة للوقت و هدرا للمال العام، فلا الشباك(المقاومة)ستحد من الضرر ، و لا التعويضات السنوية تغطي الخسائر و جبر الضرر.
كذلك هو الشأن بالنسبة للمنطقة الأطلسية الشمالية حيث نشاط تسمين التونة الحمراء بالدائرة البحرية للعرائش الذي افتضح تأثير نشاطه على البيئة البحرية بسبب نفوق المئات من الأسماك و التخلص منها في البحر، فضلا عن ظهور نوع غازي من السلطعون في القاع نتيجة توفر بيئة ملائمة من خلال رواسب مخلفات الأعلاف السمكية، و التي ليست إلا أطنان من سمك السردين (المجمد)،فيما الدراسة العلمية قيد الإعداد، و قس على ذلك الأنشطة الفلاحية بالمنطقة المتورطة في تلويث المسطحات المائية و الفرشة المائية بحوض اللوكوس، التي تنتهي في البحر.
و ها نحن على مشارف اطلاق نشاط جديد دخيل على الاقتصاد البحري و على قدراتنا في حماية البيئة البحرية ،و الإحاطة بالمخاطر و التداعيات على الأنشطة التي تقوم على استغلال الموارد البحرية كالصيد البحري و تربية التونة الحمراء، و جرف الرمال، و انتهاء بجودة مياه الاستحمام.
في المغرب لم يتطور المجتمع المدني و لم يطور آلياته لحماية البيئة و خصوصا البيئة البحرية، إذ فقط تنحصر في جمع النفايات الصلبة من بلاستيك و بقايا على الشواطئ خلال فترات محدودة كالصيف و أو بمناسبة اليوم العالمي للبيئة او تزامنا مع مواعيد دولية كبرى يكون للمغرب مآرب أخرى فيها كقمة المناخ أو الترشح لمعقد في جمعية دولية كما كان الشأن قبل أشهر عندما رفع المغرب يده للترشح لتمثيل إفريقيا ورئاسة الدورة السادسة لجمعية الأمم المتحدة للبيئة، المزمع عقدها خلال شهر فبراير 2022، خلال السنتين المقبلتين.
الوعي البيئي في المجال البحري لدى المواطن المغربي لا يزال متخلفا، و بالتالي لا يمكن إنتاجه لدى المسؤولين الحكوميين المنبثقين من مجتمع آخر اهتماماته السلامة ، قبل سلامة محيط بيئته ، و حتى يوسع شعاع اهتمامه بسلامة البيئة و الوعي بالمحافظة على التنوع و التوازن الايكولوجي.
في الجانب التشريعي وضع المشرع ترسانة قانونية جد محترمة كما وضع آليات حماية القانون و تنفيذه، و بالموازاة تم إحداث مؤسسات رسمية بحجم وزارات و أخرى مدنية لتنزيل البرامج التي لا ترق الى مستوى “مخطط استراتيجي” اللهم ما يعني “غابات المغرب2020-2030” أو “استراتيجية اليوتيس” في شقها المتعلق بمخططات تهيئة المصايد لاستدامة الصيد و حماية الثروة السمكية”، بالنظر الى افتقاد الأرضية و القاعدة التي تعتمد على “العنصرالبشري”.
المقاربة المعتمد للدولة المغربية في حماية البيئة هي مقاربة بعدية بعقلية “السيد بونظيف”، أي التنظيف بعد التلويث، و ليس مقاربة “الحماية” التي تحيل على الوقاية و الأمن و السلامة باعتماد النهج الاستباقي، و كيف ذلك و كثير من المناطق تعاني من عدم وجود مطارح للنفايات قبل الحديث عن محطات معالجة للنفايات، و مدن تفتقد الى حاويات جمع النفايات تتحول فيها أركان الأحياء الى نقط سوداء لتجميع النفايات.. في الوقت الذي غالبا نجد بذات المناطق جمعيات وداديات الأحياء عاجزة عن استيعاب صلاحياتها و مسؤولياتها.