مغربية بريس
أحمد رباص
بضدها تعرف الأشياء.. لهذه الحكمة ابعاد طبيعية وحسية وعاطفية واجتماعية. ولعل اهم هذه الأبعاد البعد الاجتماعي الذي بمقتضاه يعرف الفقر بالغنى والعكس صحيح.. على هذا المستوى، ندرك في ايامنا هاته، حيث ودعت الحياة بساطتها بغير رجعة واتسمت بتعقيدات لا تني تتزايد، أن السباق المحموم نحو تملك الأشياء ومراكمة الثروات يقابله انزلاق فئات اجتماعية عريضة نحو هاوية الفقر ولا من مغيث.. وما يعمق ويوسع أكثر فأكثر من الهوة بين الأغنياء والفقراء هو أننا نرى الدولة تشارك بكل ما أوتيت من قوة وعتاد في هذا السباق المحموم عوض حرصها على التقليص من التفاوتات بين طبقات المجتمع ومناطق البلد..
شكلت هذه الفقرة تدوينة تشاركتها مع الأصدقاء في الواتساب والفيسبوك. بالطبع، تفاعل معها بعضهم بشكل إيجابي وفي ما يلي التفاصيل:
في هذا الإطار، كتب رفيق لي في الحزب الاشتراكي الموحد يقول: الدولة هي المؤسسات و مشاركتها نتيجة غياب المحاسبة وشعار ربط المحاسبة بالمسؤولية شعار من اجل در الرماد فقط. حينما تجد المؤسسات التي من واجبها تنزيل هذا المبدأ هي نفسها التي تسهل الفساد وتتغاضى عنه وأقصد القضاء و الأمن و المخابرات و ما إلى ذلك.. وهذا كان ولايزال منذ زمن ، لكن التطور التكنولوجي اقصد مواقع التواصل الاجتماعي والسوشل ميديا ابرزته بجلاء. والواقع ان كل المؤسسات تحمي الفساد وتساهم فيه، وهنا نلمس مدى وقع هذا الفساد وانعكاساته الخطيرة على الافراد والمجتمع ،بالاضافة الى الغزو الرأسمالي المتوحش .
هذا يتطلب تجدير الوعي لدى المواطنين والتصدي له عبر آليات التأطير السياسي و التوعية.
من جانبه، ساهم صديقي عبد الله شنتوف في هذا الجدل بقوله: خيار الدولة هو الراسمالية المتوحشة و هي تدق آخر مسمار في نعش التضامن الاجتماعي الذي تأسس إبان الاستقلال وخصوصا في مجالي التعليم والصحة.. لكن كثيرا من فقراء الأمس اختاروا بعد تخرجهم خيار الدولة.
لأجل إغناء النقاش، ادرج صديقي عبد الله تدوينة ذات صلة بتوقيع صديق آخر اسمه جواد وهذا مضمونها: إن مقاربة وقراءة الواقع السياسي والاقتصادي الراهن بعين الفكر العقلاني النقدي هي السبيل الأنجع الى كشف اختلالاته وأعطابه.وبلورة وبناء البديل الاجتماعي والاقتصادي المؤسس لواقع أفضل.أما تبني سياسة الكتمان والتعتيم والتضليل عما أصبح واقعا باديا وملموسا حتى للعميان، فذلك للأسف سياسة عقيمة تلعب بالنار وتدفع بنا نحو المجهول المخيف.. فها نحن جميعا نعاين في الزمن الراهن ما حذر منه مرارا كاتب هذه السطور منذ سنوات.أ زمة اقتصادية حادة وخانقة.وأزمة اجتماعية خطيرة تضرب في العمق الحد الأدنى للعيش الكريم للفئات الاجتماعية الفقيرة، بل للطبقات الوسطى المهددة بالتفقير والانقراض.كل ذلك نتيجة محاصرة ومصادرة الفعل السياسي الوطني الحر والمستقل. وهيمنة سياسة اقتصاد الريع والليبرالية المتوحشة التي يتبناها التقنوقراط وتباركها وتدعمها الدولة. والتي لا تؤمن إلا بسيادة وسلطة المال المتوحش وتحكمه في الاختيارات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. كل ذلك نتيجة واقع التبعية المطلقة والعمياء لمراكز القوى المالية والاقتصادية الغريية مما اصبح يهدد ما تبقى من السيادة الوطنية للدولة.بل والأخطر تهديد الاستقرار والسلم الاجتماعيين..
ثم بعد ذلك، وجدت ان للرفيق عبد الله الشنتوف تدوينة تندرج في هذا السياق يقول فيها:
أخطر تهديد يواجه مستقبل المغرب هو القطع النهائي مع التضامن الاجتماعي (مجانية التعليم والصحة، تعميم المنحة للطلبة، دعم المواد الأساسية والأدوية..) والانزلاق نحو نظام رأسمالي متوحش، فكل الاستطلاعات و التقارير الدولية تعطي الرتب الاولى في التنمية والازدهار والرفاهية للدول الأكثر تطبيقا للتضامن الاجتماعي وتأتي على رأسها الدول السكندينافية (الدنمارك، النرويج و السويد) للأسف، المغرب ياتي في مرتبة 122 بالنسبة للتعليم و 95 بالنسبة لجودة الحياة مقارنة مع 167 دولة، كما تم ترتيبه في المركز 57 بالنسبة للبنية التحتية الاقتصادية.
هنا يطرح السؤال التالي: لماذا جميع الدول الأوربية تحافظ على نظام ديمقراطي اجتماعي وتعتبره اساس ازدهارها و مقياس تقدمها في حين نرى المغرب ينزلق إلى نظام راسمالي متوحش؟
وفي الأخير، يخلص الرفيق عبد الله إلى أن الرأسمالية المتوحشة تلغي كل المكتسبات التي سبق ان حصل عليها المغاربة.