مغربية بريس
عبد الرحيم النبوي: مكتب اسفي
أشعل نصب تمثال غريب الشكل، لرأس أفعى الكوبرا ، بالشاطئ الصخري المسمى منتجع رأس اللفعى بآسفي بارزة أنيابه ، مواقع التواصل الاجتماعي هناك. وتداول ساكنة مدينة آسفي ومثقفيها عبر مواقع التواصل صورا لتمثال يفترض أنه أفعى بحجم كبير بالمنطقة ، لكنه غريب الشكل، ظهر “بجسم ضخم طويل”، وقال المغردون إنه “شكل مشوه يثير الاشمئزاز والاستغراب تم وضعه في مكان ساحر، وبالتالي فهو يشوه جمالية الأفق، حيث يحلّق النور مزهواً بأهازيج الصباح أو ينسحب مُثقلاً مع هتافات المساء، هناك وُلدت جدلية البحر والطين والسمك وانبثقت كل شذرات الوجد مشتتة بين خضرة وزرقة، تطل على مدينة آسفي، الجوهرة الراقدة على عرش الساحل الأطلسي تحيطها هالة النوارس وشاطئ البحر.
بينما اندهش آخرون من نصب تمثال لكائن مرعب ليس موجودا بالمنطقة إلا في متخيلات مصمميه، ويقول الاستاذ عبد الحق فكري الكوش، أن وضع مجسم أفعى أو حتى فكرته هو نوع من الحمق لا أقل ولا أكثر.. لأنه جهل بتاريخ المدينة ورمزية المكان والقدرة على توظيفه لتوجيه رسالة ما…متسائلا: كيف بخرسانة مسلحة بأنياب بشعة؟ وهل رأس الأفعى تعني فقط الإحالة على كائن سام؟ مضيفا ، رأس الأفعى ملتقى ثقافات وزوار وجنسيات ورياضات وإطلالة بديعة على المحيط وعلى المرسى وعلى كل المدينة…والفنان الحقيقي هو الذي يستطيع جمع هذه التوليفة..دون ذلك هو حمق فقط ! وليس أي حمق ..فهو شيء مقصود للإساءة للمكان والإنسان.. وهو عمل منهجي مستمر منذ الاستقلال وحتى اليوم..
واختتم الاستاذ عبد الحق فكري الكوش تدوينته بالقول، هذا ليس عملا فنيا ولا تتوفر فيه المقومات الفنية ، انه عمل بشع في غير مكانه .. فرأس الأفعى هي منتجع للريح والثقافات والرياضات البحرية ..رأس الأفعى هي سفارة مدينة نحو المستقبل.
ومن جهة ثانية اعتبر بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي، أن وضع هذا المجسم بمنتجع سياحي نوع من الإبداع، وأن الفنان الذي أنجزه يستحق التنويه والتشجيع، لأنه سيضفي على المنطقة رمزية خاصة، وسيستقطب محبي أخذ الصور التذكارية، وسيزيد من شهرة المنطقة التي عرفت تهيئة خاصة أصبحت وجهة سياحية بامتياز.
في حين، رأى آخرون بأن تمثالا بذلك الشكل يعد “إهانة لمنطقة تاريخية شهدت محطات مشرقة جمعت في جعبتها أنساماً فينيقية وبصمات رومانية، وهوية وأمازيغية وعربية إسلامية، وحضوراً يهودياً وهمسات أوروبية، باعتبار أن المنطقة ورد اسمها ضمن أمهات المعاجم، وذكرها ابن بطوطة في مذكراته الشهيرة التي تُرجمت إلى أكثر من عشرين لغة، كما عرفت وقوف القائد عقبة بن نافع الفهري عام 62 هجرية/681 ميلادية، على شاطئ بحرها ودعا بدعائه المأثور ، زارها وزير غرناطة لسان الدين بن الخطيب، وأعجب بها “الدون إيمانويل” ملك البرتغال، فهي تختزل ذاكرة من أسسها وسكن ربوعها ووطئ أرضها.
وخلص المنتقدون، إلى انه غالبا ما يصنع التمثال لتأريخ حدث معين أو لشخص من أجل تكريمه وتخليده، ولكن على ما يبدو ليس هذا الحال دائماً، حيث إن هناك العديد من التماثيل التي صنعت لحدث ما، لكن كانت مخيبة للظن وغير معبرة للواقع فهي تحشر في المكان الخطأ والزمان الخطأ.