متابعة مغربية بريس
عبدالرحمن الصبار*
يطرح الفضاء العمومي على المستويين الملموس والافتراضي تحديات جسيمة على مؤسسات التنشئة التربوية والاجتماعية ببلادنا،وعلى رأسها الأسر المغربية ومؤسسات التربية والتكوين بمختلف الصفوف والمسالك التعليمية.فأغلب الفاعلين التربويين و جميع المعنيين يدركون حجم الخطورة التي ينطوي عليها هذا الفضاء المركب في زمننا الراهن،بالنظر إلى حجم التأثير الذي بات يمارسه على مختلف مناحي الحياة اليومية، ولطالما عمدوا إلى تقاذف المسؤولية فيما بينهم،بخصوص درجة العنف الذي أصبح يقتحم بكامل الأسف مؤسساتنا المعنية،ويقض مضجعنا باستمرار،لكونه يهدد المشروع المجتمعي المشترك بالفشل الذريع في بلوغ أهدافه التربوية والاجتماعية والأخلاقية.كما تعبنا أيضا من متابعة فصول هذا التأثير بشكل يومي من خلال الإنصات إلى نبض المجتمع،والرأي العام الوطني عبر المنابر الإعلامية ومنصات التواصل الاجتماعي.فالفضاء العمومي يضج بالمؤثرات والوسائط التي تشكل الصخرة التي قد تنكسر على واجهتها كل المخططات التربوية والتعليمية،مهما بلغ مستوى وجاهتها،ونجاعتها،كما تعد من بين العوائق الرئيسية أمام أجرأة الأهداف التي يسعى المجتمع إلى تحقيقها عبر الأدوار المنوطة بالأسرة والمدرسة على حد سواء.ففي ظل الظروف الراهنة،مثلا وبمناسبة النقاش الدائر حول الدخول المدرسي يمكن القول بأن إنجاح هذه المحطة الحاسمة يظل مرهونا بمدى توفق الأطراف المعنية كافة في تدبير سلوك وتصرفات التلاميذ في علاقتهم بالفضاء العام،انطلاقا من خروجهم من بيت الأسرة إلى التحاقهم بالصف الدراسي،ذهابا وإيابا،والذي ينبغي أن يتم بأقصى درجات الحزم والانضباط لقوانين الطوارئ الصحية،وللإجراءات و المساطر الوقائية تفاديا لانتشار عدوى كوفيد 19،من جهة،وضمانا لإنجاح كل دورات الموسم الدراسي 2020/2021,من جهة ثانية.ومن بين المقترحات الممكنة في هذا الصدد يمكن اعتماد أسلوب يجري النقاش حوله من لدن بعض الفاعلين التربويين في إحدى البلدان الأروبية،يرتكز على مفهوم “المجموعة التعليمية المغلقة”أي بتفويج التلاميذ بأعداد محدودة لا تتعدى 20 تلميذ في كل مجموعة مغلقة،ينضاف إليها الأطر الإدارية والتربوية ومستخدمي النقل المدرسي المشرفة على كل مجموعة على حدة،وتتم عمليات الدخول والخروج بشكل متفاوت بعشر دقائق بين مجموعة مغلقة وأخرى،ضمانا لاحترام التباعد الجسدي الوقائي،وفي حال إصابة أحد المنتمين أو أكثر داخل مجموعة معينة بالعدوى،فإن المصالح المعنية تقوم بتعميم اختبارات الكشف عن الفيروس في صفوف هذه المجموعة التلاميذية المغلقة وأسرهم،والأطقم المشرفة عليهم فقط،وليس على المؤسسة التعليمية وكافة المخالطين داخلها وخارجها لأن أسلوبا من هذا القبيل سيجعلنا “نطارد الساحرات “في مواجهة الجائحة.كما لا ينبغي أن يغرب عن أذهاننا أن النجاح في تحقيق كل الأهداف المرجوة،في ظل الظروف الراهنة،وخاصة فيما يتعلق بالتعليم الحضوري يبقى كذلك مرتبطا بمدى استجابة البنيات التحتية،وتجهيزات المؤسسات التعليمة،والموارد البشرية، الإدارية والتربوية والأسرالمغربية وعموم التلاميذ لمحاور خطة الطوارئ المدرسية الواجب إعدادها وفق مقاربة تشاركية،وبمنهجية توافقية،والحرص على تعميمها،والالتزام بمضامينها،وتطبيقها بحزم،وبصرامة على أرضية الواقع طيلة الموسم الدراسي،ويبقى بموازاة ذلك تعليق الدراسة واردا على الصعيد الوطني بمجرد ظهور بوادر الفشل في الالتزام التام بالخطوات الإجرائية للخطة ،من خلال تتبع بيانات تطور الحالة الوبائية،وخاصة في صفوف التلاميذ ومحيطهم باعتبارهم المحور الرئيسي لتحقيق الأهداف المتوخاة،ورفع تحديات الموسم الدراسي المقبل.أمام وجود قوة قاهرة يتفاوت حجم تأثيرها من صعيد إلى آخر وبشكل ،مفاجئ وغير منتظم يستحيل على دواليب الدولة والأجهزة المعنية ضمان تكافؤ الفرص بنفس الوثيرة فيما يتعلق بتدبير الزمن المدرسي على المستوى الوطني،ففي مثل هذه الظروف كذلك يمكن الحديث عن مبدإ توزيع فرص التربية والتعليم بشكل متكافئ بين جميع التلاميذ بحسب بيانات تطور الحالة الوبائية ببلادنا.فالضرر يزال،ووازع التضامن يقتضي منا كذلك أن نتفهم عملية إغلاق أوفتح جهات أو مناطق أوأحياء من حين لآخر،وليس البلد كله،وذلك بحسب تطور الوضعية الوبائية،من أجل صيانة الحق في الحياة،وحماية صحة وسلامة التلاميذ والأطقم التربوية والإدارية،والأسر المغربية بصفة عامة،وتمكين التلاميذ في ذات الوقت من أكبر عدد من فرص التعليم الحضوري،بصرف النظر عن اختلاف وثيرة الزمن المدرسي بين مؤسسة تعليمية وأخرى،أو بين مديرية إقليمية وأخرى أو بين أكاديمية جهوية وأخرى،بحيث يصبح اعتماد صيغة “الدروس المكثفة” واردا لاستدراك ما فات،او باعتماد المقاربة الاستباقية في إنجاز البرامج والمقررات كلما كانت الظروف الصحية سانحة،وذلك تماشيا مع الشروط والإجراءات التي سبق التطرق إليها في مقال سابق.