حينما يكتب الدكتور ميلود العضراوي … نظرية البقاء للأقوى ليست صحيحة

مغربية بريس

ذ/ ميلود العضراوي كتاب وآراء
إنها نظرية من صلب المؤامرة ولا علاقة لها بنظرية البقاء للأصلح للفيلسوف الألماني الكبير لبينتز، هي نظرية متعصبة وقبلية المعنى ومجرد غربال بعيون ضيقة لا يسمح بمرور الحيثان التي تخلق المفاجئة وتشكل خطرا على المنافسة المحددة الشروط. كي أكون واضحا مع الآخرين الذين يرون أننا وصلنا إلى هذه المرحلة المتقدمة من مجد الكرة العالمي بمحض الصدفة، ولم يكن يفصلنا عن التتويج سوى حكم عادل، إنهم على خطأ كبير، لم تكن وراءنا مؤسسات وأجهزة وبحوث متقدمة في مجالها وتأطير ودراسة وبحوث وتكوين، وميزانيات ضخمة لتنفيذ المشاريع.. نحن في المغرب خلقنا الحدث بتوفير كل وسائل تكوين الأجيال القادرة على تحقيق المعجزة، نحن نتوفر على مؤسسة رياضية قل نظريها في إفريقيا والعالم العربي، مؤسسة تكوينية تتوفر على بنية تحتية جيدة وتقودها بنية عقلية متطورة ومبدعة وثقافية تصنع الأبطال، مغاربة لونا وعمقا قلبا وقالبا، حتى الفتيان الذين كبروا وترعرعوا في بلدان الغرب والضباب، ويهبون المجد لمنتدياتكم العتيدة، لم يكونوا من طينة ما هو غربي، إنهم أبناء المهاجرين الذين لعبوا كرة الشارع أولا وآباؤهم ناضلوا ضد التحقير والازدراء والدونية والميز العنصري الذي مورس عليهم طيلة عقود وما يزال .
الحقد الكولونيالي الذي يحمل الغرب اتجاهنا، عبرت عنه موجات الاعلام المنحط في فرنسا وغيرها من الدول ليلتين قبل مبارزة ربع النهائي بين كتيبة المجد وفيلق لاعبين لا يحملون من فرنسا سوى الشعار مسنود من قبل حكم قدم عرضا سيئا في التحكيم الرياضي.
وأخيرا عبرت الفيفا عن استيائها، متوعدة تغيير قواعد اللعبة في مونديال 2026 تلافيا للتلاعب والغش، لكن لا أحد يثق بتصريحات اعتى منظمة في تاريخ كرة القدم، وجدت لتوزع الريع الرياضي على من يستحقه وهي من تضع الموازين وتفرز المعادلات وتبحث لها عن حلول، يسبقها صداها عمن يستحق الكأس ومن لا يستحقها وتشاطر أقوياء أوروبا حساباتها السياسية والاقتصادية وتأخذ بعين الاعتبار، معطيات التاريخ والجغرافيا وقضايا أخرى.
هذا الانحطاط البشع الذي تعلن عنه جهارة قوى الغرب هذه المرة لم يكن خافيا عن أحد، ولكنه كان يتدثر بورقة التوت التي اسقطها الإعلام الغربي المنحط عن نفسه في الصحافة الأوروبية ليلتين قبل مباراة الاسود وعبر من خلالها عن تخلف كبير في تسويق الصورة الاعلامية المعادية لنا متخذا من الأمة العربية والاسلامية والقضية الفلسطينية، موضوعا لتمرير خطاب الكراهية والعنصرية والاسلام فوبيا، والتمييز بين الشعوب والتسلط والهيمنة التي زرعتها فلسفة الاستقواء في دمائه منذ قرون. الفهم السيء للحدث الرياضي هذه المرة، عرى ورقة التوت التي كانت تخفي الحقيقة وأخرج عيوب الغرب ودناءته وحقارته ونظرته الدونية لعالم الجنوب.
الغرب هو من صنف العوالم وقسم أقاليم المجتمعات البشرية وصاغ خريطة العالم الجديد وحدوده وخطوط التباين الاقتصادي فيه والتطور التكنولوجي وعلاماته الفارقة بين الدول والمجتمعات، ومن يتقدم ومن يتأخر ومن يأخذ كأس العالم ومن يسمح له بلعب الادوار القريبة من الكأس ومن لا يمر بتاتا والكل يسير وفق العلامات المنظمة للسير وتحت عيون العرابين.
تنظيم كأس عالمي لكرة القدم كان مؤشرا كبيرا على احتفاء المجتمعات الدولية بفكرة السلام والأخوة، وكان الهدف منه في البدء هو محو الفوارق بين الأجناس وهدم الحدود الفاصلة بين الكيانات الجغرافية اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا واستقطاب أنظار المجتمعات البشرية في كل مكان لتتوحد في السلم والسلام والمحبة والتآخي والتقارب، هذا ما عبرت عنه شعارات مونديال قطر الخالدة في أناشيد الافتتاح وهو ما عبرت عنه مرارا مواقف وسلوكيات اللاعبين في الميدان بعد نهاية كل مبارة ، مباريات لا بد أن تنتهي طبعا بفائز ومنهزم، ولا يضير في ذلك شيء أن يتعانق الرجال بصدور عارية.. لكن عقلية الإعلام في الغرب ومن خلالها سياسة الغرب العدوانية ومواقفه المتعصبة الخائفة أن يسرق الضوء من دائرة الضوء الغربية، بلد من الجنوب، بلد أصبح يخيف كثيرا السياسة الأوروبية ويحاكيها في مجالات كثيرة تفوق عليها أحيانا.
فلسفة الاستقواء والفوبيا الاسلامية، أخرجت مرة أخرى مخزون الكراهية المجاني وحملت اسقاطات زمن التسلط والهيمنة، تجسد ذلك في العديد من الكتابات والتصريحات التي كانت تفوح منها رائحة الكراهية والحقد.
جواب الرئيس الفرنسي عن سؤال حول رأيه عن مستوى تنظيم كأس العالم في قطر، يحمل في طياته استصغارا وتجاوزا وتعاليا وغرورا.
“قال ان التنظيم كان لا بأس به”. بدلا من كون التنظيم الذي وصفته وسائل اعلامهم بأنه أسطوري ولا مثيل له، لم يثر لديه الإعجاب.
على اية حال نحن لم تهزمنا فرنسا في الميدان، لأننا لعبنا كرة راقية ودقيقة المعالم رياضيا وبأسلوب قل نظيره وأمام خصم قوي وطموح، ولكن هزمنا الحكم المكيسكي لأنه كان سيد قراره في حرمان المنتخب المغربي من المرور إلى النصف النهائي واستعمل صافرته لصالح الخصوم.
فقد نلتقي في كأس عالم قادمة وقد لا نلتقي ولكننا سنخوض التجربة بكل عنفوانها ولن يكون هذا آخر المشوار، لأننا نمتلك القدرات والوسائل والطاقات والمواهب، ونمتلك مدرسة للفن الكروي ستصبح قواعدها دروسا يتلقاها الجميع، سيأتي اليوم الذي يذكر هؤلاء أن الصدفة لم يكن لها مكان فيما صنع وليد الركراكي ورفاقه، وسيأتي اليوم الذي تتساوى فيه الحظوظ دون حسابات الامتياز التاريخي والتفوق ولا معادلات السبق والتمايز ولا الأهلية والاولوية الغربية الصادرة عن فهم خاطئ للتباري الشريف في محفل عالمي للفرجة.
خلاصة جيدة؛؛
انتبهوا، إن نظرية التفوق الغربي تذوب على مهل كثلج الربيع، وقريبا سنحتاج عالما جديدا تتساوى فيه الحظوظ. نددت منظمات عالمية بتحيز العالم وبرزت قوى رياضية جديدة في أوروبا تدعو إلى خلق منافسة موازية لبطولة الأندية في أوروبا يعادل دورها،، دور “الليكة الاوروبية” تقاومها الآن بشراسة المحكمة الأوروبية ويناهضها البرلمان الأوروبي والاعلام الموالي للفيفا والاتحاد.
هنيئا للأسود، ولمدربهم العظيم ولجنود الخفاء ومن وراءهم من الرجال وهنيئا بسائر لغات العالم للجمهور العظيم الذي قدم صورة نادرة لمجتمع متحضر يتمتع بعقلية القرن الواحد والعشرين، واقول لهم جميعا، إنكم كنتم على موعد مع التاريخ لم تبرحوه حتى صرتم جزءا منه، وهو موعد قد لا يتكرر في ما سيأتي من أيام.

اعجبك المقال؟ يمكنك مشاركته من خلال منصتك المفضلة
اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد