مغربية بريس
منابعة خاصة…..
قبل أسبوع و نيف ، قدمت محكمة التفتيش الاوربية صك الشرعية لجبهة “البوليساريو” فيما يشبه لعبة “كوي و بخ” التي ينتهجها الاتحاد الأوربي اتجاه المغرب منذ الاستقلال لإستدامة التبعية، و إضعاف أي سيادة على البر و البحر و الجو، و حتى على إنسان المنطقة.
لعبة “كوي و بخ” ورغم المواقف المعلنة و المطمئنة من طرف الساسة الأوربيين، ستبقى محط شك و لن تخرج عن إطار سياسة “الترقاد” . حيث للقانون كلمته التي لن يدحضها الا القانون. و بالتالي لا يجب ان يكون المغرب مطمئنا لمواقف الحكومات التي لا تعكس بالضرورة موقف الضمير الأوربي، الذي يرى في المغرب خصما وندا يهدد مصالحه العليا ، و يُحجِّم من دوره في أفريقيا و في دول الساحل، حيث الثروات الطبيعية و السوق الواعد.
مر أسبوع و لا يزال الرأي العام الوطني يحاول ابتلاع التطمينات الأوربية ، عساها تغطي على قرار محكمة التفتيش الأوربية، رغم أن المغرب غير معني بالقرار، و أن هذا الأخير تشوبه عيوب في الشكل و المضمون و ملوث بخلفية سياسية.
مر أسبوع و بضعة أيام ليخرج “ستيفان دي ميستورا المبعوث الخاص للأمين العام للأمم للصحراء” بمقترح ينسجم بشكل كبير و مشبوه مع قرار محكمة التفتيش الاوربية، بتقسيم الصحراء المغربية. حيث يرى مهندس التقسيم أن المشروع “من شأنه أن يتيح، من ناحية، إنشاء دولة مستقلة في الشطر الجنوبي، ومن ناحية أخرى، دمج بقية الإقليم كجزء من المغرب يتم الاعتراف بسيادته عليه دوليا”.
و للإشارة ف “دي ميستورا” ذي الأصول الإيطالية السويدية ، سبق و شغل مهام المبعوث الخاص للأمين العام لسوريا سنة 2017 ، و هو مؤشر غير مطمئن بالنظر الى فشله في المحافظة على وحدة الترابية لسوريا، و قد تم تعيينه في منصبه في أكتوبر 2021، وسافر إلى المنطقة مرات عدة للقاء مختلف أطراف هذا النزاع بل تجاوزها نحو جنوب افريقيا ، لكن من دون أن ينجح في استئناف العملية السياسية.
كما أن التقرير و إن غطى الفترة الممتدة ما بين يوليوز2023 و يونيو 2024، فإنه لن يغطي على الطابع الخاص لملف الصحراء الذي تستعمله القوى الاستعمارية كعصى غليظة للإبتزاز و تحقيق مزيد التنازلات و المنافع على حساب الشرعية.
مقترح “تقسيم الصحراء” سبق و أن فجره المقبور بوتفليقة قبل سنوات من مغادرته دار الفناء ، لكن بصيغة فاضحة ، يعطي الحق للجزائر في نصف الصحراء الغربية مناصفة مع المغرب عوض البوليساريو.
و رغم أن مقترح “دي ميستورا” يبقى مقترحا غير منطقي و انتحارا ديبلوماسيا في آخر العمر(77)، فإن خروجه في هذا التوقيت و في السياق الدولي المليء بالتقلبات و التجاذبات و الصراعات و النزاعات تستدعي من الأمة المغربية مزيدا من اليقظة و التعبئة الشاملة لمواجهة مخطط تقسيم العالم العربي في إطار مخطط الشرق الأوسط الكبير و الإعتبار من وضع تيمور الشرقية و السودان و العراق و ليبيا وتونس و اليمن و سوريا.
وهذا يعني انه و إن تجاوزنا محطة 2011، بسلام فذلك لا يعني أن المغرب في مأمن من الشر القادم من كل اتجاه ، من الجار القريب قبل العدو البعيد، فآلة التقسيم وإن كانت تسير ببطء ، فهي لا تتوقف و لن تتوقف إلا مع تثبيت النظام العالمي الجديد الذي ترتبه الفوضى الخلاقة.
و هنا لا بد من استحضار المواقف الرمادية و الباهتة لعدد من الدول المحسوبة على الاتحاد الأوربي قبل إعلان “ترامب” في 2020، و تَمنُّع بعضها و على رأسها فرنسا قبل التحاقها بركب المؤيدين لمقترح الحكم الذاتي . و هذه المواقف الفردية التي لا تعكس بالصرورة موقف الاتحاد الأوربي بأي حال ، تبقى مواقف معزولة خصوصا مع قرار محكمة التفتيش الأوربية .
و اذا كان المغرب غير معني بقرار المحكمة ، فالقرار ينسحب على دول الاتحاد الأوربي، و هذا هو بيت القصيد ، حيث انتزعت جبهة البوليساريو الورقة التي كانت تناور من أجل الحصول عليها منذ حوالي عقد من الزمن في محاكم دولية كفرنسا و بريطانيا و بانما.
و إذا كان قضاة محكمة التفتيش الأوربية قد أصدروا قرارا ملغوما بخصوص قانونية اتفاقية الفلاحة و الصيد البحري ، فما وراء القرار ليس بطلان الاتفاقية، بل يتجاوزه الى الـتأشير على شرعية لجبهة البوليساريو كممثل الشعب الصحراوي، قبل استقالتهم من الهيئة ، ولو على حساب مصالح الشعوب الأوربية و ساكنة الصحراء .
و هو ما سيكون مقدمة لفصل جديد من فصول ما يحاك ضد وحدة المغرب المزعجة للأعداء و ليس طبعا الجيران ، فالجار معلوم ، لكن أولئك الذين يحركون الجيران و يستثمرون في إضعاف المغرب و في استدامة التبعية.
كتبها للمغربية برس الاستاذ حاميد حليم